السبت، 19 يناير 2013

كيف حمى المغرب قديما بلاد عُـمان؟

(الإسلام حضارة).
كيف حمى المغرب قديما بلاد عُـمان؟
إلياس بلكا
لعل القارئ الكريم يستغرب هذا العنوان، ويتساءل عن العلاقة بين بلدين أحدهما في أقصى غرب العالم الإسلامين والآخر في جنوب شرفق جزيرة العرب.
زرت دولة عُـمان  الشقيقة في إجازة السنة الجديدة، أي منذ أسابيع قليلة، وذهبت لعاصمتها الجميلة مسقط. ثم دخلت إلى متحف القوات المسلحة السلطانية، أحد أهم متاحف العاصمة إلى جوار متحف التاريخ الطبيعي. وهو متحف يحكي التاريخ العسكري لأهل البلاد، مبتدئا بمرحلة ما قبل الإسلام، ثم كيف أسلم الناس وأسسوا دولا وشاركوا في بناء حضارة الإسلام بنصيب غير قليل. ويسمى الجيش العماني بالقوات المسلحة السلطانية، ولا يقولون الملكية، كما هو الحال عندنا بالمغرب. هذه عادتهم، وهي مسألة لفظية.
وفي المتحف توقفتُ عند فترة تعرض عمان لهجوم البرتغال، حيث يحكي المتحف أهم أحداث هذا الغزو ويعرض لبعض الأدوات والأسلحة والآثار من تلك الفترة.
هذا عن عمان، أما علاقة المغرب بالموضوع فتبدأ من الأندلس..
لقد دفع المغرب ثمنا غاليا في الدفاع عن الوجود الإسلامي بالجزيرة الإيبيرية.. طيلة قرون وجيوش المسلمين تمر من ضفة إلى أخرى من ضفتي البحر المتوسط. لذلك يقول المؤرخون: إنه لولا هذا الإسهام المغربي لسقطت الأندلس منذ قرون، أي منذ عصر  ملوك الطوائف.. لكن المرابطين والموحدين خاصة دافعوا عن هذا الوجود الفريد من نوعه.. وفي إحدى المعارك فقط سقط من وجوه المرابطين وكبارهم  ثمانون قتيلا.
لم تكن  بلاد المغرب بهذا الجهد والجهاد تدافع عن الأندلس فقط، بل عن نفسها أيضا..  لقد كان للمغرب تجربة مرة مع الغزو الروماني والوندالي المستمر..
ولم يكن يدافع بهذا عن نفسه فقط، بل عن سائر العالم الإسلامي... فكان يدافع عن عمان مثلا. لذلك بمجرد سقوط الأندلس هاجم الإسبان والبرتغال بلادا كثيرة من عالم الإسلام.. وكان مما هاجموا: أراضي عمان.
لقد بدأ البرتغاليون يغزون شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك عمان. وأخذوا يسيطرون  على المدن الساحلية وقلاعها، كقريات ومسقط وصحار وهرمز.. وهذا منذ سنة 1507، أي بعد خمسة عشر سنة فقط من سقوط غرناطة ومملكة بني الأحمر.. ( احتفل الإسبان  في هذا الشهر بالذكرى 521 لسقوط الأندلس في 2 يناير 1492)... واستمر التوسع البرتغالي إلى نهاية القرن. ثم بدأ بالتراجع من سنة 1624 إلى 1718، وذلك على يد أسرة اليعاربة التي استطاعت  طرد المحتلين من أكثر بلاد عمان.
لكن العمانيين لم يستطيعوا إخراج البرتغاليين بشكل نهائي إلا حوالي 1747 ، على يد الأسرة البوسعيدية الحاكمة.
ولم تكن معركة أهل عمان مع البرتغاليين  ممتدة في الزمان فقط، بل في المكان أيضا حيث تواجه الطرفان في شرق إفريقيا وشواطئ الهند الغربية.. وكان من مجالات هذا الصراع أيضا تجارة المحيط الهندي.
هكذا نلاحظ بوضوح كيف أدى ضعف المغرب في القرنين الثامن والتاسع الهجريين إلى تسريع سقوط الأندلس، وكيف شجع هذا السقوط  البرتغال والإسبان على مهاجة العالم الإسلامي في مناطق كثيرة، بعضها بعيد بعيد.. كعُـمان.
من هذا نستخلص نتائج متعددة، منها: وحدة مصير العالمين العربي والإسلامي، فهذه أمة واحدة في السراء والضراء..  وستبقى كذلك.. إنها –كما جاء في الحديث النبوي- كالجسد الواحد، إذا مرض بعضه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى..
ومنها أنه كان للمغرب على مدار التاريخ الإسلامي دور مميز ومهم جدا.. ساعده على ذلك موقعه الجغرافي، وطبيعة سكانه من العرب والأمازيغ الذين انصهروا في بوتقة واحدة، وانطلقوا يفتحون ويبنون..
هذه بعض الخواطر التي تسارعت في ذهني وأنا  أزور المتحف الجميل للقوات المسلحة العمانية.. فتحية لأهل عُـمان وللقائمين على هذا المتحف.
لقد خرجت من هذه السياحة وأنا موقن بأن المغرب  لم يكن بلدا عاديا في عالم الإسلام.. وأنه لن يكون كذلك في المستقبل.. سيكون له شأن ما.

هناك 4 تعليقات:

  1. السلام عليكم دكتور,
    انا اعتقد سبب سقوط الاندلس ضعف حكام المسلمين الى يومنا هذا.

    و شكرا

    ردحذف
  2. مرحبا دكتور,

    هل اول شخص من سمى خورفكان هو ابن بطوطة؟
    و هل توافق ابن بطوطة على سفرة و ترحالة و تركه بالاخص زوجتة و اهله ؟

    ردحذف
  3. أهلا بك. لا علم عندي في موضوع تسمية خورفكان. أما عن ابن بطوطة فيبدو أنه حين سافر كان شابا اعزب. الرحالة يضحون ببعض راحتهم الشخصية لكنهم ينعون العالم إذ يعملون على التقريب بين الشعوب وتعريفها بعضها ببعض.

    ردحذف
  4. أعني ينفعون العالم برحلاتهم.

    ردحذف