السبت، 22 سبتمبر 2012

تقرير عن كتاب: الوجود بين السببية والنظام.

 
الوجود بين السببية والنظام / إلياس بلكا ( تقرير ).
                             كتبت سوسن العتيبي :

يعطش الناس، يشربون الماء فيرتوون، يجوعون فيأكلون فيشبعون، يوقدون النار فيحترق الحطب، يُضرب أحدهم فيتألم ... هناك فعل وأثر... وغيرها من الأمثلة البسيطة، حتى الأكثر تعقيداً...  وهذا الكون كله وما يتحرك فيه وما يحدث، أهو أثر ؟ وأثر لأي فعل؟ ومن هو الفاعل؟
قيل أن هذا الفعل هو ( المُسبب ) و أن هذا الأثر ( السبب )، وهذه العلاقة بينهما هي ( السببيّة ) فحدث أن ظهرت رؤى ونظريات، تفسر وتحلل هذا الحدث كطريق للمعرفة، في مجال ( نظرية المعرفة ) وفئات ظهرت لتنسب الحدث للمُحدث مباشرة، وبُنيت عليها معتقدات متعددة.

أولاً: السبب:
1-   في العربية :
الحبل الذي يُتوصل به إلى الماء، ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى شيء.
2-   عند الفلاسفة، لأهميّته أنقله كله " cause" :
أ‌-      " السبب هو العامل في وجود الشيء، ويُطلق على كل حالة نفسية، شعورية كانت أو غير شعورية، تؤثر في حدوث الفعل الإرادي. وهو قسمان :
·         عقليّ .
·         انفعاليّ.
وعادة العلماء المُحدِثين أن يسمّوا الأول باعثاً "  motif" والثاني دافعاً "  mobile" .
ب‌-   السبب هو المبدا الذي يفسر الشيء تفسيراً نظريّاً. وهو ما يُتوصل به إلى غيره أو هو كما قال بعض الفلاسفة: ما يحتاج إليه الشيء في ماهيته أو وجوده، لذلك سُمي سبباً عقلياً " raison " أو مبدأ " principe " ، ومن قولهم سبب الوجود >
ت‌-   والسبب عند علماء الأخلاق ما يفضي إلى الفعل ويبرره، وهو مرادف للحق... وقد يطلق السبب على الحجة التي يعتمد عليها في إثبات الحق، وإن كانت غير صادقة "

مصدر فكرة السببية ( خلاصة بحسب ما فهمت ) :
         أ‌-         أنها فطرة إنسانية.
        ب‌-       تصور عقلي صرف لا علاقة له بالطبيعة، فالطبيعة لا تتغير سواءً عرفنا السبب أم لم نعرفه.
        ت‌-       تصور تجريبي صرف يثبت علاقة ميكانيكية مادية بين الأشياء.
        ث‌-       خليط بين العقل والتجربة
        ج‌-        خليط بين العقل والتجربة، مع أسبقية مصدرية العقل، ودور التجربة في إظهاره، لدى كانط [ أي – بحسب ما فهمت - كأنه يعيد نظرية الاستذكار لدى أفلاطون، بأن المفاهيم موجودة بالأصالة، ويتم استخراجها عن طريق المعرفة ومحوها ] .
هذا بحسب فهمي، وقد ألغيت ما كتبته من مراجعة أو تقرير لهذا الكتاب لوجود الأفضل، وهو :

والكتاب جيّد جداً، وفيه رؤى مهمة، ولعل كتاب السببية لبن ميس يكمّل التوضيح والفهم، وقد ذكره المؤلف في مقدمة كتابه، وفي أثناء الكتاب كمرجع.

وقد يثير هذا البحث نقاط مهمة :
1-   اقتراح من المؤلف نفسه ببحث السببية في القرآن الكريم.
2-   ما يسميه الفقهاء عادة بـ " ثمرة الخلاف " بين هل السبب موجود، أم هي العادة والإطراد فقط؟ وعلاقة هذا باستنباط الأحكام وتنقيح المناط وتخريجه. فما أثر السببية الفقهية في التأملات الوجودية ونظرية المعرفة، والعكس ما أثر نظرية المعرفة أو مباحث الوجود في الفقه، وعلى آراء الفقهاء .
3-   النظام الإطار الجامع لكل من السببية والقانون وهو اقتراح المؤلف الذي جاد به وأحسن، وكيف نستثمر هذه الرؤية الجديدة حول الإطار المعرفي الجديد ؟
4-   أهم فائدة استخرجتها من كتاب بن ميس وزاد إيماني بها مع هذا الكتاب هي أن الصفة العلمية الحتمية اليقينية لـ " السببية " ولكثير من النظريات العلمية هي مزاعم وليست حقيقة لا تقبل النكران، فالإطار المعرفي يسمح بالتحيز ويسمح بالتأثير في النتائج، وهذا يفتح الباب الذي نبّه عليه د. المسيري – رحمه الله – حول إشكالية التحيّز، وهل العلم مؤسس على حقائق لا تقبل الشك، أم هو مؤسس على رؤى وبحاجة لإطار معرفي.
5-   الإطار المعرفي الذي نؤمن به نحن يقيناً هو حدود القرآن بحسب فهمنا ومعرفتنا، وإعادة النظر في كثير من العلوم من هذا المنطلق هو واجبنا، وقبل ذلك أن نمهر في علمين على الأقل " علم شرعي " و " علم دنيوي " لنوفق بينهما في فتوحات علمية، فالإطار المعرفي يحتاج لعلم شرعي، والعلم الدنيوي استخدام لمخلوقات الله للاكتشاف والتسخير، وهنا أحيل لكتاب جميل للغاية لـ د . عبد المجيد النجار " خلافة الإنسان بين الوحي والعقل " من إصدارات إسلامية المعرفة، وكذلك تجربة جميلة لعدة بحوث مجمّعة حول قسم من العلوم الإجتماعية، و من إصدارات إسلامية المعرفة أيضاً بعنوان " مقاصد الشريعة: نحو إطار للبحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية" .

والله تعالى أعلم
وبالتوفيق

http://twitmail.com/profile/Sawsanm

هناك تعليق واحد:

  1. شرف لي يا دكتور أن تضع هذا التقرير في مدونتك بارك الله فيك.
    وهي قراءة أقل من مستوى الكتاب

    نفع الله بك


    تلميذتكم : سوسن العتيبي

    ردحذف