الاثنين، 28 مايو 2012

حديث التصرية عند أهل المذاهب.


السؤال:  ما معنى حديث مسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. ولماذا اختلف فيه الفقهاء؟
الجواب:

صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه  نهى عن تصرية الغنم أو الإبل، أي  تغطية ضرعها حتى يتوفر الحليب، ثم الذهاب بها إلى السوق لبيعها. فهذا فيه إيهام للمشتري بأن الشاة أو البقرة أو الناقة حلوبة، أي هذا نوع من الغش.
لكن إذا واحد من الناس اشترى شاة بهذه الصفة، فلما ذهب لبيته شرب لبنها، ثم اكتشف أنها ليست حلوبا .. ما العمل؟
هنا يقول الرسول الكريم: من حقّ المشتري أن يردّ الشاة إلى البائع، ويستردّ ماله، ويعطي للبائع تعويضا عن الحليب الذي شربه، فيعطيه قدرا من التمر.
الأحناف لم يعملوا بالحديث لأنه يخالف – في نظرهم- القواعد الكبرى في مجال المعاملات المالية، وهي أساسا قاعدتان:
1- قاعدة الخراج بالضمان، فمثلا إذا اشتريتُ حيوانا واتفقت مع البائع على أن لي الخيار ثلاثة أيام أفكر وأرى هل الصفقة مناسبة أم لا.. فإن الشريعة تعتبرني ضامنا، أي أنني مسؤول عن الحيوان فلو مات وجب عليّ أداء ثمنه لصاحبه.. بالمقابل تعطيني الشريعة حق الاستفادة من غلته أو منتوجه.. فالاستفادة مقابل المسؤولية، أي الخراج مقابل الضمان.
والحديث يخالف هذا لأنه يكلف المشتري برد قيمة ما استهلكه.
2- قاعدة المثلي يقوّم بالمثلي، فالمفروض إذا أتلفت حيوانا أن أعوضه بحيوان، وإذا أتلفت سيارة أن أعوض بسيارة، وإذا أفسدت طعاما أن أعوّض بنفس الطعام. بينما الحديث يجعل تعويض الحليب الذي شربه المشتري بصاع من تمر. ولا علاقة للتمر بالحليب.
فالحديث عند الأحناف خالف قاعدتين، فلا يأخذون به.
بالنسبة للجمهور القاعدتان صحيحتان لا نقاش فيهما، والحديث يثبت حكما استثنائيا على خلاف القواعد، والغرض من التمر هو تعويض البائع بشيء له قيمة متعارف عليها، كأنه عملة. فالحديث استثناء عندهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق