السبت، 20 أكتوبر 2012

سلسلة التعريف بالمسيحية وفكرها (14): مدخل عام إلى البروتستانتية، لخديجة خبطة.



      مدخل عام إلى البروتستانتية.

إعداد: خديجة خبطة                              
البروتستانتية هي فرقة من النصرانية احتجوا على الكنيسة الغربية باسم الإنجيل والعقل، وتسمى كنيستهم بالبروتستانتية حيث يعترضون (Protest) على كل أمر يخالف الكتاب وخلاص أنفسهم، وتسمى بالإنجيلية أيضاً حيث يتبعون الإنجيل دون سواه، ويعتقدون أنّ لكل قادر الحق في فهمه، فالكل متساوون ومسؤولون أمامه.
مارتن لوثر
وهم في الأصل من أتباع الكنيسة الكاثوليكية، وكلمة"بروتستانت" معناها: المحتجون. وقد انشق البروتستانت عن الكنسية الكاثوليكية في منتصف القرن السادس عشر وبعد عدة احتجاجات على ممارسات باباوات الكنيسة، ومنها قضية صكوك الغفران. من أقدم دعوات الإصلاح بدأت على يد جيرارد في كنيسة لورين في عام 914م وعاصرتها دعوة أخرى تسمى حركة كلوين. ثم ظهرت في جنوب فرنسا حركتا الكاتاريين والوالدنيين، وتمكنت البابوية من القضاء عليهما. وفي القرن الثالث عشر ظهرت حركة الرهبان (الإخوان)، ودعت للبساطة وحماية الكنيسة من الهراطقة، وتدعيم البابوية عن طريق الأتباع المخلصين، لكن مع نهاية هذا القرن وقع رواد الحركة فيما حذروا منه، فأصبحوا من الأثرياء، وجر الثراء إلى ما يسوء ذكره. وفي عام 1383م توفي داعي الإصلاح حنا بعد أن طرد وأتباعه، ثم بعده نادى حنّا هس بإيقاف صكوك الغفران التي استعان بها البابا حنا الثالث والعشرون في حربه ضد مملكة نابلي، وقد أحرق حنّا هس حياً عام 1415م. وفي أوائل القرن السادس عشر نادى آزرم بالإصلاح، واحتفظ بعلاقات طيبة مع الكنيسة والبابا ليو العاشر، ومثله فعل معاصره توماس مور. وفي بداية هذا القرن أيضاً ظهر مارتن لوثر، وهو قس ألماني ذهب إلى الحج في روما طالباً بركات البابا فيها، وفي ذهنه صورة من النقاء والطهر والخشوع. لكنه فوجئ في روما بواقع آخر، فجعل يصيح بأن ليس هذا دين عيسى، وعاد لألمانيا يدعو للإصلاح، وهاجم صكوك الغفران واعتبرها دجلاً، وانضم إليه أتباع سموا بالمحتجين (البروتستانت). ثم تأثر بلوثر الفرنسي كالفن المولود عام 1509م، ثم السويسري زونجلي، وأسس كلفن التنظيم الكنسي البروتستانتي. وقد انتشرت أراء هذه المدرسة الإصلاحية في ألمانيا وأمريكا واسكتلندا والنرويج وهولندا[i].

المبحث الأول : البروتستانتية وتاريخها

                              المطلب الأول: أبرز الشخصيات البروتستانتية
الكنيسة البروتستانتية حركة إصلاحية بدأت في الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر متأثرة بدعوات الإصلاح السابقة لها، ومن ثَمَّ تحولت من حركة إصلاحية داخل الكنيسة إلى حركة عقائدية مستقلة ومناهضة لها، ومن أبرز المؤسسين:
مارتن لوثر: ولد لوثر سنة 1483م في ألمانيا، وعاش في بيئة نصرانية تشيع فيها الخرافات والمعتقدات الزائفة.
-
وفي عام 1405م نال شهادة أستاذ في العلوم من جامعة إيرمورت ولكنّه لم يُتم دراسته القانونية وتحول بعدها إلى الدراسات اللاهوتية، فدخل إلى دير الرهبان الأوغسطنين.
ـ في عام 1507م عُين قسيساً لرعاية كنيسة كنتبرج بألمانيا.
-
في عام 1510م دفعته نزعته الدينية وإخلاصه للكنيسة ورجالها إلى أن يحج إلي روما ليتبرك بالمقر الرسولي في روما، حيث منَّى نفسه برؤية القديسين والزهاد من الرهبان والكرادلة. ولكن ما إن حل في روما حتى هاله ما رأى من دعاوى: غفران الذنوب، وامتلاك سر التوبة، وحق منح صكوك الغفران، وتفشِّي مظاهر الفساد والانحلال الخلقي في الطبقات العليا من الكنيسة بوجه أخص. ومن ثم عاد إلى ألمانيا خائباً رجاؤه، ومستنكراً ما رأى، وأصبح منشغلاً بوضع خطة لإصلاح الكنيسة.
-
في عام 1517م أرسل البابا ليو العاشر مندوبه الراهب حمنا تتزل لبيع صكوك الغفران في ألمانيا، فما أن يعلن عنها ويبالغ في أمرها حتى ثار عليه لوثر، وكتب في معارضته وثيقَته الشهيرة التي تتضمن خمسة وتسعين مبدأ في معارضة الكنيسة وعلقها على باب كنيسة القلعة. في الوقت الذي نشط في تأليف الكتب التي تعلن مبادئه، والتي أصبحت حديث الطبقة المتعلمة في ألمانيا مّمّا زاد في التفاف النّاس حوله، ولهذا كلّه أصدر البابا قراراً بحرمانه في عام 1520م.
-
عندما تلقى لوثر القرار بحرمانه، قام بتحريض من بعض الأمراء الألمان من أصحاب دعوى الإنفصال عن الإمبراطورية بحرقِه في وسط الجموع الحاشدة في وتنبرج، التي أصبحت جامعتها المهد الأساسي للتعاليم اللوثرية في ألمانيا.
-
في عام 1520م بعد ما أظهر مارتن لوثر تأييداً للنزعة القومية في الدولة الألمانية في تولي إدارة كنيستها، عقدت الكنيسة في روما مجمعاً قضى بمحاكمة لوثر أمام محكمة التفتيش لكنّه هرب إلى قلعة وارتبورج، وفيها ترجم العهد الجديد إلى الألمانية، ثم شرع في ترجمة الكتاب المقدس كلّه، لكنّه لم يتمه وعاد إلى وتنبرج مرة أخرى.
-
في عام 1529م أراد الإمبراطور تنفيذ قرارات الحرمان ضد مارتن لوثر، فأعلن حكام الولايات الإنجيلية في ألمانيا في مجلس سبير في 19 نسيان أنّهم مستعدون لطاعة أوامر الإمبراطور والمجلس في كل القضايا الواجبة إلاّ التي تتعارض مع الكتاب المقدس أو التي لا يوجد لها نص فيه، وبالتالي رفضوا تسليم لوثر لمندوبي الإمبراطور.
-
عندما رأى لوثر صعوبة تحقيق دعوة دعوة الإصلاح الكَنَسِيّ كرَّس كل جهده لقضايا الإيمان في الكنائس الإنجيلية الناشئة.
توفي لوثر في بلدة وتنبرج عام 1546م مخلِّفاً مجموعة من الكتب والمؤلفات التي تؤصِّل قواعد دعوته.
الروخ هولدريخ زوينجلي 1484-1531م: ولد ونشأ في سويسرا وأصبح قسيساً وأحد دعاة حركة الإنسانية التي بدأت مع عصر النهضة الأوربية.
دعا إلى نفس المبادئ التي دعا إليها مارتن لوثر، وبدأ دعوته في زيوريخ بسويسرا، وقد قاوم استعمال الطقوس والصور والتماثيل في الكنائس كما عارض فكرة عزوبة رجال الأكليروس، وحبذ المسئولية الفردية في المعتقد.
لاقت دعوة زوينجلي التأييد من السلطات الحكومية في مدينة زيوريخ، فشاعت لذلك دعوته وأصبح زعيماً للبروتستانت في جنوب ألمانيا ومعظم سويسرا.
في عام 1529م وفي مدينة ماربورج التقى زوينجلي بمارتن لوثر وتناقشا حول إصلاح الكنيسة واختلفا حول فرضية أو سر العشاء الرباني، كما اختلفا في أسلوب معارضة الكنيسة الكاثوليكية، حيث استخدم زوينجلي القوة في سبيل نشر مبادئه ابتداءً من الحظر التجاري الذي فرضه على بعض المقاطعات الكاثوليكية في شرقي سويسرا، حتى القتال والصدام مع رجال الكنيسة الذي قُتل فيه وهُزم أتباعه في كاييل عام 1531م.
ذابت تعاليم زوينجلي في تعاليم جون كالفن التي ارتكز في بعضها على عقيدته.
جون كالفن 1509-1564م: ولد ونشأ في فرنسا وتثقف بثقافة قانونية لكنّه مال عنها إلى الدراسة اللاهوتية، فتأثر بآراء مارتن لوثر دون أن يقابله بواسطة بعض أقاربه وبعض أساتذته.
شارك في إعداد خطاب ألقاه نيكولاس كوب مدير جامعة السربون بفرنسا التي كانت مركزاً لأكثر علماء الكاثوليكية، والذي يتضمن شرحاً لآراء مارتن لوثر؛ مّمّا أغضب آباء الكنيسة عليه فاضطر إلى الهرب إلى جنيف في سويسرا.
بعد أن عاد في الحادي والعشرين من مايو 1534م إلى مدينة نويون مسقط رأسه سلّم كهنةَ كاتدرائيتها كل شارات الامتياز الأكليريكية الخاصة به، ثم هرب بصحبة نيكولاس كوب إلى جنيف في سويسرا مرة أخرى[ii].
في عام 1535م شارك كلفن في حوار دعا إليه المبشرون المصلحون مع الأساقفة الكاثوليك في المدينة الذي انتهى بانسحاب الكاثوليك، مّمّا مكن دي فاريل صديق كلفن الحميم من الاستيلاء على الكنائس الرئيسية الثلاثة في المدينة:كنيسة سان بيتر، المجدلية، سان جرفيز؛ وتحويلها إلى كنائس إنجيلية أو بروتستانتية.
استغل كلفن استقراره في جنيف في تنظيم وتقنين مبادئ زعماء الإصلاح وعلى رأسهم مارتن لوثر، وظهرت له مؤلفات وكتابات عديدة في ذلك، ولذلك فإنّه يعد أحد مؤسسي المذهب البروتستانتي.
خالف كالفن لوثر في سر - فرضية - العشاء الرباني من حيث كيفية حضور المسيح العشاء رغم اتفاقهما على عدم استحالة الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح.
عدل كلفن عن فكرة لوثر في إشراف الحكومة على الكنائس، لمّا رأى ما يحدث للبروتستانت في فرنسا، وطالب بأن تحكم الكنيسة نفسها بنفسها، وعلى الحاكم المدني أن يساعدها ويحميها، مّمّا كان سبباً في انقسام الكنيسة الإنجيلية إلى لوثرية وكلفينية (الإصلاحيةالكلفينية).
تميزت حركته بالانتشار في فرنسا، فأصبحت الدين الرسمي في اسكتلندا كما امتدت إلى المقاطعات شرق سويسرا، واعتنقها معظم سكان المجر، يقول فيشر: "أصبحت أكثر أشكال الإصلاح البروتستاني اتساعاً".
تأسست جمهورية هولندا عام 1669م على مبادئ البروتستانت الكليفنية بعد الحرب الدامية بين الكاثوليك والبروتستانت.
نتيجةً للحرية الفردية في فهم وتفسير الكتاب المقدس لكل فرد من المؤمنين بالمذهب البروتستانتي انقسمت الحركة البروتستانتية إلى كنائس عديدة، وطوائف مختلفة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حسب إحصائيات عام 1982م يوجد 76.754.009 بروتستانتي ينتمون إلى 200 طائفة إنجيلية.
                      المطلب الثاني : الكنائس البروتستانتية.
الكنيسة اللوثرية:
وقد بدأ إطلاق هذه التسمية على المؤمنين بأفكار معتقدات مارتن لوثر في القرن السادس عشر وذلك رغم مقاومة لوثر نفسه لهذه التسمية، وأصبحت جامعة وتنبرج المهد الأساسي لها.
اهتم مارتن لوثر بقضايا الإيمان، وترك الأمر الإداري للكنيسة لغيره يقوم به، لكنّه عيَّن بعض المراقبين ليتعاونوا مع حكام الدولة في الأقضية، وبذلك كان أول ظهور لنظام السينودس.
ارتبطت اللوثرية في ألمانيا ارتباطاً وثيقاً بالحالة السياسية منذ أن دعا لوثر إلى إشراف الدولة على الكنيسة، ولذلك فإنّ الحكومة الألمانية تدخلت أكثر من مرة لحل الخلافات بين أعضاء الكنيسة أو للاتفاق مع كنائس المصلحة.
كان لظهور الكنائس المعمدانية في القرن السابع عشر أثرها في إثارة الخلافات بين البروتستانت مرة أخرى.
في زمن فريدريك وليم الثالث ملك بروسيا تمّ الاتحاد بين الكنائس اللوثرية والمصلحة، ومنها تشكلت الكنيسة القديمة، غير أنّ جماعة كبيرة من اللوثرية لم تنضم إلى هذه الكنيسة وعرفوا باللوثريين القدماء.
في عام 1923م تأثرت الكنيسة بالنظام النازي في ألمانيا حيث حاول صبغ الكنيسة الألمانية بصبغة قومية، فجرى توحيد 28 كنيسة مصلحة ولوثرية على أساس أنّ الدم الآري أحد المؤهلات العضوية لهذه الكنيسة القومية العنصرية. وقد تناول هذا التأثير العقائد والمبادئ أيضاً، مّمّا مهَّد لقيام ثورة من آلاف القسوس البروتستانت من بينهم مارتن تيمولر للمطالبة بتشكيل السينودس الذهبي.
في عام 1934م عارض السينودس الذهبي تدخل الدولة في شؤون الكنيسة بل رفض ذلك رفضاً حاسماً.
في عام 1935م أنشأت الحكومة وظيفة وزير الدولة للشئون الكنسية، وخوَّلت له سلطات مطلقة على الكنيسة الإنجيلية الألمانية.
انتشرت في عام 1936م حركة الإيمان الألماني التي تحالفت مع الفلسفة الوثنية الجديدة.
بعد الحرب العالمية الثانية ألغت الكنيسة الإنجيلية دستورها المُوصَى به من النازية لعام 1933م، وبدأت تنظيم نفسها من جديد.
والكنيسة اللوثرية هي كنيسة الدولة في الدنمارك وأيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا.
يصدر الاتحاد اللوثري العالمي مجلة اللوثرية العالمية بالألمانية والإنجليزية.
الكنائس المصلحة:
وإن كان يُقصد بها بوجه عام جميع الكنائس البروتستانتية إلاّ أنّه من الناحية التاريخية تقتصر على الكنائس البروتستانتية التي يرتكز أصلها على عقائد كلفن وعلى أساس النظام الكنسي المشيخي الذي تركِّز فيه السلطات على سلسلة مجالس من الشيوخ العلمانيين ورجال الأكليروس، وتنزع إلى الشكل البسيط في العبادة. وقد قويت هذه الكنائس في إنجلترا في القرن السادس عشر وخصوصاً في اسكتلندا وشمال إيرلندا، وسميت كنائس سويسرا وهولندا وعدد من كنائس ألمانيا بالمصلحة، كما توجد بالولايات المتحدة الأمريكية كنائس تحمل لقب المصلحة.
الكنائس الأسقفية: تطلق الكنيسة الأسقفية عند الإطلاق على الكنيسة الإنجليزية ويتبعها في أمريكا عدد من الكنائس الأسقفية، وتتبع هذه الكنائس النظام الأسقفي على أنّه نظام إلهي خلافاً لسائر الفرق البروتستانتية، وذلك في تعيين أو اختيار أو عزل القساوسة، والشمامسة، أو تدشين الأراضي والأبنية الدينية، وإدارة تركات الموتى لحين وجود وصي شرعي للميت. ويلقب أساقفة إنجلترا بلقب لورد حيث يُعتَبرون من أشراف المملكة، ويرأس ملوك إنجلترا الكنيسة الإنجليزية، وبذلك يعينون الأساقفة الذين يتم انتخابهم من القسوس بعد ذلك، ورئيس أساقفة كانتربري هو رأس الكنيسة، ويليه في المرتبة رئيس أساقفة يورك، أمّا أساقفة الولايات المتحدة الأمريكية فينتخبهم نواب من قسوس الأسقفية وأهاليها قبل عرضهم على مجمع الأساقفة أو على مجمع نواب مؤلف من السينودس والأهالي.

                              المطلب الثالث : الأفكار والمعتقدات
تؤمن الكنائس البروتستانتية بنفس أصول المعتقدات التي تؤمن بها الكنيسة الكاثوليكية، ولكنّها تخالفها في بعض الأمور، ومنها ما يلي:
الخضوع لنصوص الكتاب المقدس وحده، حيث إنّ الكتاب المقدس بعهديه هو دستور الإيمان وعليه تقاس قرارات المجامع السابقة وأوامر الكنيسة؛ فيقبل ما يوافقه فقط، يقول لوثر: "يجب أن يكون الكتاب المقدس مرجعنا الأخير للعقيدة أو أداء الشعائر".
عدد أسفار العهد القديم ستة وستون سفراً وهي الأسفار القانونية، أمّا باقي الأسفار وعددها أربعة عشر، فتسميها الأبوكريفيا أي غير الصحيحة فلا تعترف بها.
كما لا تؤمن الكنائس البروتستانتية بعصمة البابا أو رجال الدين، وتهاجم بيع صكوك الغفران حيث ترى أنّ الخلاص والفوز في الآخرة لا يكون إلّا برحمة الله وكرمه وفي الدنيا في الالتزام بالفرائض والكرازة – التبشير بالإنجيل.
إنّ القديسيين لقب يمكن أن يوصف به كل إنسان نصراني حيث إنّ القداسة في فهمهم ليست في ذات الشخص ولكنّها مقام يصل إليه.
ترفض البروتستانتية مرتبة الكهنوت حيث إنّ جميع المؤمنين بها كهنة، وليس هناك وسيط ولا شفيع بين الله والإنسان سوى شخص المسيح لأنّه جاء في معتقدهم رئيساً للكهنة، كما لا تؤمن بالبخور والهيكل.
تؤمن بسرين فقط من أسرار - فروض الكنيسة وهما سرّا - المعمودية، والعشاء الربّاني، على خلاف بينهم في كيفية حضور المسيح سر العشاء.
لا تؤمن بالصوم كفريضة بل هو سنة حسنة، ولا يطلق إلاّ على الإمساك عن الطعام مطلقاً فقط.
كما لا تؤمن بالأعياد التي تقيمها الكنائس الأخرى.
الصلاة ليس لها مقدار محدد، كما أنّه ليس من الحتم الالتزام بحرفية الصلاة الربانية؛ ولذلك يجيزون الصلاة بلغة غير مفهومة كاللاتينية التي تستعملها الكنائس الكاثوليكية.
لا تؤمن الكنيسة البروتستانتية بنظام الرهبنة.
الكهنوت درجتان فقط هما: القسوسية، الشمامسة، الراعي هو الأسقف، والرئاسة تكون بمجمع السنودس لا لفرد.
منع البروتستانت اتخاذ الصور والتماثيل في الكنائس والسجود لها، معتقدين أنّ ذلك منهي عنه في التوراة.
تؤمن بعض الكنائس الإنجيلية - الصهيونية - أنّ شرط المجيء الثاني للمسيح هو إقامة دولة إسرائيل في فلسطين.
المطلب الرابع :  تاريخ الصراعات الدامية بين البروتستانت والكاثوليك
هي سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين عامي 1618 و 1648 م ، وقعت بين البروتستانت والكاثوليك والدول المتحالفة معهم، وكلفت الأوربيين الملايين من الضحايا، وخصوصا في ألمانيا التي  خسرت حوالي نصف سكانها، وكانت المجازر تشمل عمليات القتل والحرق والتهجير بين القرى المتجاورة، بل داخل البلدة الواحدة. وقد اشتركت في هذه الحرب الوحشية تباعا معظم القوى الأوروبية الموجودة في ذاك العصر فيما عدا إنكلترا وروسيا .
تنقسم حرب الثلاثين عام إلى أربع مراحل رئيسية : الثورة البوهيمية. التدخل الدنماركي. التدخل السويدي. التدخل الفرنسي .  بدأت أولا كمواجهة دينية اندلعت عام 1606 في مدينة دونا وفورت الحرة إحدى مدن ألمانيا التابعة للإمبراطور الروماني الكاثوليكي، حيث حاولت الأغلبية البروتستانتية منع الكاثوليك من أداء موكب ديني مسببين اضطرابات عنيفة، مما دعى تدخل ماكسيمليان الأول حاكم (بافاريا ـ جنوب ألمانيا) مساندا الكاثوليك لإعادة الوضع إلى حاله. هذه السلسة من الأحداث أوجدت لدى البروتستانت (الذين ظلوا أقلية في المنطقة) شعورا بوجود مؤامرة كاثوليكية لاجتثاثهم، وإزاء هذا التهديد قاموا في عام 1608 بتأسيس الإتحاد الإنجيلي بقيادة( فريدريك الرابع)  ملك اسبانيا الذي كان يحكم أجزاء من ألمانيا ووسط أوربا. فرد الألمان الكاثوليك عام 1609 بإنشاء الرابطة الكاثوليكية تحت قيادة الأمير ماكسيمليان الأول. عند هذه النقطة أصبح الوضع السياسي في ألمانيا على استعداد للدخول في مواجهة الطائفية.
عام 1617 حاول (فيرديناند) حاكم بوهيميا(جيكيا الحالية) الذي كان كاثوليكيا متعصبا أن يفرض العقيدة الكاثوليكية على السكان الذين كانوا بغالبية بروتستانتية. تسبب منعهم لبناء عدد من الكنائس البروتستانتية في ثورة عنيفة عام 1618 بلغت ذروتها عندما تم إلقاء ا الأعوام الثلاثين .
في الجزء الثاني من فترة الحرب امتدت المعارك إلى فرنسا والأراضي المنخفضة وشمال إيطاليا وكاتالونيا . خلال سنواتها الثلاثين تغيرت تدريجيا طبيعة ودوافع الحرب : فقد اندلعت الحرب في البداية كصراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت وانتهت كصراع الرئيسي في نظر البعض، ففرنسا الكاثوليكية تحت حكم الكردينال ريشيليو في ذلك الوقت سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى بين فرنسا والنمسا، بل ويعد السبب ساندت الجانب البروتستانتي ثنين من ممثلي الإمبراطور من نوافذ القصر الملكي في براغ، وأشعل هذا الحدث شرارة حرب في الحرب لإضعاف منافسيهم آل هابسبورغ لتعزيز موقف فرنسا كقوة أوروبية بارزة، فزاد هذا من حدة التناحر بينهما، مما أدى لاحقا إلى حرب مباشرة بين فرنسا وإسبانيا.
كان الأثر الرئيسي لحرب الثلاثين عاما والتي استخدمت فيها جيوش مرتزقة على نطاق واسع ، تدمير مناطق بأكملها تركت جرداء من نهب الجيوش . وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض وهلاك العديد من سكان الولايات الألمانية وبشكل أقل حدة الأراضي المنخفضة وإيطاليا، بينما أُفقرت العديد من القوى المتورطة في الصراع . استمرت الحرب ثلاثين عاما ولكن الصراعات التي فجرتها ظلت قائمة بدون حل لزمن أطول بكثير. انتهت الحرب بمعاهدة مونستر وهي جزء من صلح فستفاليا الأوسع عام 1648 م [iii]. وخلال الحرب انخفض عدد سكان ألمانيا بمقدار 30 ٪ في المتوسط ؛ و في أراضي براندنبورغ بلغت الخسائر النصف، في حين أنه في بعض المناطق مات مايقدر بثلثي السكان وانخفض عدد سكان ألمانيا من الذكور بمقدار النصف تقريبا . كما انخفض عدد سكان الأراضي التشيكية بمقدار الثلث . وقد دمر الجيش السويدي(البروتستاني) لوحده أثناء تغلغله في المناطق الألمانية الكاثوليكية 2000 قلعة مع سكانها ، 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث   عدد جميع المدن الألمانية .هبطت حرب الثلاثون عام بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا، وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر فرانكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".

 المبحث الثاني: الإنجيليون والأخلاق فى البروتستانتية
تـــــــمهيد:
في سفر رؤيا القديس يوحنّا 3 نرى الكلام الواضح عن خليفة المسيح كرسي بطرس على الأرض
7 وإِلى مَلاكِ الكَنيسَةِ الَّتي بَفيلَدِلفِيَة، أُكْتُبْ: إِلَيكَ ما يَقولُ القُدُّوسُ الحَقّ، مَن عِندَه مِفْتاحُ داوُد، مَن يَفتَحُ فلا أَحَدَ يُغلِق، ويُغلِقُ فلا أَحَدَ يَفتَح:8 إِنِّي عليمٌ بِأَعْمالِكَ. ها قد جَعَلتُ أَمامَكَ بابًا مَفتوحًا ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ إِغْلاقَه، لأَنَّكَ على قِلَّةِ قُوَّتِكَ حَفِظتَ كَلِمَتي ولم تُنكِرِ اسْمي. 10لقَد حَفِظتَ كَلِمَتي بِثَبات، فسأَحفَظُكَ أَنا أَيضًا مِن ساعةِ المِحنَةِ الَّتي ستَنقَضُّ على المَعْمورِ كُلِّه لِتَمتَحِنَ أَهلَ الأَرْض. 11 إِنِّي آتٍ على عَجَل. فتَمَسَّكْ بِما عِندَكَ لِئَلاَّ يَأخُذَ أَحَدٌ إِكْليلَكَ. 12والغالِبُ سأَجعَلُه عَمودًا في هَيكَلِ إِلهي، فلن يَخرُجَ مِنه بَعدَ الآن، وأَنقُشُ فيه اسمَ إِلهي واسمَ مَدينَةِ أُورَشَليمَ الجَديدَةِ الَّتي تَنزِلُ مِنَ السَّماءِ مِن عِندِ إِلهي، وسأَنقُشُ اسمِيَ الجَديد[iv].
يرتكز الإيمان البروتستانتي على الأركان الثالث التالية :
الكتاب فقط
الإيمان فقط
النعمة فقط
المطلب الأول : الكتاب المقدس فقط
يقال بأن في الرسالة الثانية لطيموتاوس : فالكتاب كُلُّه من وحي الله يُفيد في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البرّ ، ليكن رَجُلُ الله كاملاً معدًّا لكُلَّ عمل صالح (2 طيم 3؛ 16) وهنا لم يقل الرسول بولس الكتاب فقط...
عندما أرسل يسوع تلاميذه كي يبشروا قال لهم : من سمع إليكم سمع إليَّ. (متى 10؛ 16)
يسوع في إنجيل متى تكلم عن النصح الأخوي : عندما تريد أن تنصح أخوك ، اذهب للإنجيل فقط ؟ لنسمع ماذا قال يسوع: " إذا خطئَ أخوكَ ، فاذهب إليه وانفرد به ووبخه فإذا سمع لك ، فقد رَبحتَ أخاك . وإن لم يسمع لكَ فخذْ معكَ رجلاً أو رَجُلين ، لكي يُحكَمَ في كُلِّ قضيةٍ بناءً على كلام شاهدين أو ثلاثة . فإن لم يَسمع لهما ، فأخبر الكنيسة بأمره . إن لم يسمع للكنيسة أيضاً ، فليكن عندك كالوثني والعشَّار ." (متى 18؛ 15-17)
الشيطان يشهد بالكتاب المقدس :
و قال له إن كنت ابن الله فاطرح نفسك الى اسفل لأنه مكتوب انه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك متى 4/ 6
الكنيسة عمود الحق
في رسالته الأولى إلى طيموتاوس (3/ 14-16) الرسول بولس يقول لتلميذه التالي :
"كتبتٌ إليك بذلك راجياً أن ألحَقَ بكَ بعد قليل . فإذا أبطأت فاعلم كيف تتصرف في بيت الله ، أعني كنيسة الله الحي ، عمود الحق وركنه . ولا خلاف أن سِرَّ التقوى عظيم ." فلم يقل بولس الكتاب هو عمود الحق وركنه .
 المطلب الثاني :  الأعمال والإيمان
في رسالة القديس يعقوب يشرح بها قيمة الأعمال حسب الإيمان المسيحي :الأنجيل لم يعلّم الإيمان فقط ولم يرد في الإنجيل كله كلمة الإيمان فقط. المكان الذي ورد الأيمان فقط في رسالة القديس يعقوب الفصل 2: 19-26
ولكن كونوا ممن يعملون بهذه الكلمة، لا ممن يكتفون بسماعها فيخدعون أنفسهم . لانه ان كان احد سامعا للكلمة و ليس عاملا فذاك يشبه رجلا ناظرا وجه خلقته في مراة فانه نظر ذاته و مضى و للوقت نسي ما هو (يعقوب 1: 22-24)
أنت تؤمن أن الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون والإيمان بدون أعمال ميت لكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال إذ قدم إسحاق ابنه على المذبح فترى أن الإيمان عمل مع أعماله و بالأعمال أكمل الإيمان وتم الكتاب القائل فامن إبراهيم بالله فحسب له برا و دعي خليل الله ترون إذا انه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده كذلك راحاب الزانية أيضا أما تبررت بالأعمال إذ قبلت الرسل و أخرجتهم في طريق آخر لأنه كما إن الجسد بدون روح ميت هكذا الإيمان أيضا بدون أعمال ميت. (يعقوب 2: 19-26)
يقول البروتستانت: ليس من المفروض أن نصليّ للعذراء والقديسين ولماذا تذهب لغير المسيح … ؟
الجواب على ذلك هو بأن يسوع المسيح بنفسه صلىَّ لموسى والنبي إيليا عندما تجلى على الجبل أمام بطرس ويعقوب ويوحنَّا
(متى 17؛ 1-8) : وبعد ستة أيام مضى يسوعُ ببطرس ويعقوب وأخيه يوحنَّا ، فانفرد بهم على جبلٍ عالٍ وتجلَّى كالشمس، وتلألأت ثيابه كالنور. وإذا موسى وإيليا قد تراءيا لهم يكلمانه فخاطب بطرس يسوعَ قال: " يا ربّ حسنٌ أن نكون هاهنا . فإن شئت ، نصبت هاهنا ثلاث خيم : واحدة لك وواحدة لموسى وواحدة لأيليا "
يقول البروتستانت بأنه ليس هنالك مطهر ولكن فقط الجنة وجهنم …وليس من الداعي الصلاة للموتى :
الكنيسة الكاثوليكية تعلم عن هذا التعليم الدينين بالتالي: الكنيسة تعطي الاسم المطهر للتنقية الأخيرة ، مختلفة جداً عن الذين لعنوا . الكنيسة صيفت هذا التعليم الديني للإيمان بالمطهر خاصةً في مجامع الكنسية (مجمع فلورنس سنة 1439، ومجمع ترنة سنة 1563… ) التقاليد الكنسية تشير إلى نصوص في الكتاب المقدس ، الذي يتكلم عن نار التطهير في :
(1قورنتس 3/15-16) وَمَنِ احْتَرَقَ عَمَلُهُ، يَخْسَرُ، إِلاَّ أَنَّهُ هُوَ سَيَخْلُصُ؛ وَلكِنْ كَمَنْ يَمُرُّ فِي النَّارِ. أَلاَ تَعْرِفُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَأَنَّ رُوحَ اللهِ سَاكِنٌ فِيكُمْ؟
وفي رسالة القديس بطرس الأولى 1: 7
" إِلاَّ أَنَّ غَايَةَ هذِهِ التَّجَارِبِ هِيَ اخْتِبَارُ حَقِيقَةِ إِيمَانِكُمْ. فَكَمَا تَخْتَبِرُ النَّارُ الذَّهَبَ وَتُنَقِّيهِ، تَخْتَبِرُ التَّجَارِبُ حَقِيقَةَ إِيمَانِكُمْ، وَهُوَ أَثْمَنُ جِدّاً مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي. وَهَكَذَا، يَكُونُ إِيمَانُكُمْ مَدْعَاةَ مَدْحٍ وَإِكْرَامٍ وَتَمْجِيدٍ لَكُمْ، عِنْدَمَا يَعُودُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ ظَاهِراً بِمَجْدِهِ."
ويسوع المسيح في إنجيل متى 12:31 ، عبر عن غفران الخطايا في الحياة بعد الموت بقوله:
وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ ، فَلَنْ يُغْفَرَ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً ضِدَّ ابْنِ الإِنْسَانِ، يُغْفَرُ لَهُ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ كَلِمَةً ضِدَّ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَلاَ فِي الزَّمَانِ الآتِي.
والصلاة للموتى متبع منذ العهد القديم، ففي كتاب سفر الكابيين الثاني: بعنوان الذبيحة عن الموتى الفصل 12: 46 " ولِهذا قَدَّمَ ذَبيحَة عنِ الأَموات ، لِيُحَلُّوا مِنَ الخَطيئة ." (CCC 1032).
كل ما هو في عقيدة البروتستانت هو للتخلي عن سلطة الكنيسة وعن البابا وعن التقاليد الكنسية ، فأين في
المطلب الثالث  :  التقاليد المسيحية البروتستانتية في الإنجيل
فالمسيح لم يبني كنيسة على أيمان بطرس، لكن على بطرس نفسه: لأنه قال له وَأَنَا أَيْضاً أَقُولُ لَكَ: أَنْتَ صَخْرٌ. وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا! وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ: فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ رُبِطَ فِي السَّمَاءِ؛ وَمَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ، يَكُونُ قَدْ حُلَّ فِي السَّمَاءِ (متّى 16؛18). صَّخرٌ في الآرامية كيفا ، لأن المسيح تكلم الآرامية . كيفا ليست مؤنث أو مذكر فبالآرامية ليس هنالك مذكر أو مؤنث لكلمة كيفا. فقول البروتستانت بأن المسيح بنى الكنيسة على الصخرة صغيرة باليونانية petrous مؤنث، أي أيمان بطرس فقط وليس على بطرس، هو ترجمة مغلطة . وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي قال يسوع في متّى 16؛17 (ولم يقل كنائسي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية فقط يوجد 27 ألف نوع كنيسة، لعدة ترجمات للكتاب المقدس . لما بدئه مارتن لوثر بقسمه الكنيسة ، وعلى التزايد كل يوم . )
أما بالنسبة لسلطة البابا المتتالية يسوع عبر عن ذلك برمز المفتاح وبتسليمه هذه السلطة المتتالية من بابا إلى بابا عبر الأجيال، ففي إنجيل متّى الفصل 16 أعطى السلطة لنائبه على الأرض كما تكلم النبي أشعيا في الفصل 22 ،22 وأجعل مفتاح بيت داود على كتفه يَفتَحُ فلا يُغلقُ أَحَد ويُغلِقُ فلا يَفتحُ أَحَد. المفتاح لا يعني السلطة فقط ولكن انتقال هذه السلطة من رآسة إلى رآسة. هنا العلاقة بين جذور العهد القديم والذي فعله المسيح مع بطرس بعدما اعترف بالمسيح بقوله " أنت المسيح ابنُ الله الحَيّ " متّى 16؛16) وبدوره المسيح سلم بطرس رآسة الكنسية على الأرض : سأُعطيك مفاتيح ملكوت الَّسَّموات . فما رَبَطتهُ في الأرض رُبِطَ في الَّسَّموات . وما حَلَلَته في الأرض حُلَّ في السَّموات " (متّى 16-19)
يقول البروتستانت المسيح قال: لا تدْعوا أحداً أبًا لكم في الأرض ، لأن لكم أبًا واحدًا هو الأب السماويّ… فمن رَفَعَ نفسه وُضِع ومن وَضَع نَفسه رُفع (متّى 23؛9-12)
ففي بداية هذا الفصل يحذر يسوع رياء الكتبة والفريسيين عن الفريسيين الذين يحبون أن يفرضون هذه التعابير على المؤمنين من شدة كبريائهم . وينتقدهم لأنهم جالسون على كرسي موسى ويحزمون أحمالاً ثقيلة ويلقونَها على أكتاف الناس (متى 23؛ 4). فالمسيح نفسه قال عن إبراهيم بأنه أب ابتهج أبوكم إبراهيم راجيًا أن يرى يومي ورآه ففرح (يوحنّا 8؛56) وفي إنجيل لوقا الفصل 16 ذكر يسوع بأن إبراهيم أب ثلاث مرات من الآية 24 إلى الآية 31 : فنادي يا أبتِ إبراهيم ارحمني …
يقول أخواتنا البروتستانت بأن مريم ليست أم الله ؟ وبالتالي لا يجب الصلاة لها مكان الله لأنك تخالف وصية الله الأولى
"لا يَكُن لَكَ آِلهَةٌ تُجاهيِ " (خر20/ 2-17 ).
الكاثوليك لا يعبدوا مريم مكان الله ولكن يعظموها ويصلوا لها لأنها أم الله الكلمة. وإذا كانت أم الله الابن نصلي لها.
قال لوقا البشير في إنجيله، عندما زارت مريم أليصابات : وفي تلك الأيام قامت مريم فمضت مُسرعة إلى الجبل إلى مدينةٍ في يهوذا. ودخلت بيت زكريا ، فسَلَّمت على أليصابات . فلمَّا سمعت أليصابات سلام مريم ، ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت من الروح القدس ، فهتفت بأعلى صَوتِها : " مُباركةٌ أنت في النساء ! ومباركةٌ ثَمَرةُ بطنك ! من أين لي أن تأتني أم ربي فما إن وقَعَ صوتُ سلامك في أذني حتى ارتكض الجنين ابتهاجاً في بطني فطوبى لمن آمنت : فسيتم ما بلغها من عند الربّ ".(لوقا 1؛39-45) الآية التي تؤكد لكم بأن مريم أم الله بكلمة أليصابات من أين لي أن تأتني أم ربي . قد يقولون بأن أم ربي أم يسوع الله وليس الإنسان فالجواب السريع هل هنالك ازدواجية في شخصية يسوع أو يسوعين ؟ والآية ارتكض الجنين في بطني تؤكد بأن أو إنسان تعمد هو طفل في الأحشاء …
المطلب الرابع :الأخلاق في البروتستانتية وعلاقتها بالرأسمالية  
يتناول العالم الألماني ماكس فيبر، أحد مؤسسي علم الاجتماع، كيفية اختلاف الطبقات الاجتماعية في المجتمعات بسبب اختلاف و تعدد الطوائف الدينية فيها. يوضح فيبر أن مثل هذه البلاد المتعددة الطوائف فإن أصحاب الثروات و النفوذ و رجال الأعمال هم الغالية من الطائفة البروتستانتية. يعزى هذا الاختلاف إلى عدة أسباب، لكن فيبر يجد توضيح ماهية عناصر هذه الديانات هو البداية لمعرفة تلك الأسباب. تتسم البروتستانتية بأنها تهتم بمباهج الحياة، و ترى أن على الفرد أن يعيش باستمتاع و إثارة و مجازفة، على عكس ما تتسم به الكاثوليكية كونها في رأي فيبر أكثر"انفصالاً عن العالم" و أنها تعطي لا مبالاة كبيرة إزاء ثروات العالم. و هنا يكمن التعارض بين الطائفتين، لكن مع استثناء الكاثوليك الفرنسيين الذين هم أقرب إلى الكالفينية فيما يخص الحياة الدنيوية. يتطرق فيبر إلى الكالفينية كمعتقد خيضت باسمه معارك سياسية و ثقافية كبيرة في بلدان متطورة، و تتعدد مذاهب الكالفينية و يظهر أكثرها أهمية "مذهب الجبرية" و الذي تتوضح معالمه في اعتراف وست منستر الذي يعود لعام 1647 في هذه النقاط: إن الله قدر للبعض العيش حياة أبدية باصطفائه لهم، و لآخرين بموت أبدي و ذلك وفقاً لأمره و إظهاراً لمجده. يوجه الله الذين في قلوبهم الخير إلى طريق الخير. إن الوقوع في الخطيئة هو فقدان للرغبة بأي اتصال روحي و بالتالي الحرمان من طريق الهداية. حرم الله الأشرار من رحمته و من نعمه على هذه الأرض و هم يصبحون بذلك عرضة للخطيئة و ارتكاب المعاصي. تؤكد الكالفينية أن أعمال الإنسان أي خيرها أو شرها هو ما يحدد مصيره ، هذا يعني أن أوامر الله المطلقة قابلة للتعديل بتغير أعمال البشر و هذا هنا غير مقبول بتاتاً. إن هذه المعتقدات التي عاشها الكثيرون بكل إنسانيتها هذه جعلتهم يعيشون و هم يعلمون مصيرهم الذي ينتظرهم في الآخرة، غير قادرين على أن يغيروا منه شيئا حتى بتدخل الكنيسة؛ فأصبح إلغاء الخلاص على يد الكنيسة فارق جذري مع الكاثوليكية[v].
يؤكد فيبر أن الكالفينية وجدت لتعظيم و تمجيد الرب؛ أي أنها تضعه بمحل تنفيذ الأوامر الربانية، فيعيش حياة اجتماعية محورها هو حياة روحانية ربانية خالصة. فيصبح هذا الاندماج للحياة الدينية بالاجتماعية ملبياً للحاجات البشرية و معبراً عن قيمة العمل المعروف كفعل لتمجيد الرب و تعظيمه لا لتحقيق مكاسب شخصية. و تكتمل الصورة المثالية للكالفينية بنظرها إلى الفرد و الأخلاق على أنها علاقة بدون صراع. و هنا يظهر حياد فيبر عن الخوض في الأسباب لأنه يجد كل هذا مرتبط بالمقام الأول بفهم العمل. يعود فيبر مرة أخرى لمذهب الجبرية، و يفكر في الاصطفاء الإلهي لبني البشر، و يرى أنه لا يمكن معرفة إذا ما كان الشخص مصطفاً من تصرفاته لأنه و برأي كالفن "لا يتميز المصطفون عن المنبوذين بشئ من الخارج". فالمصطفون "كنيسة الله غير المرئية". و يرى كالفن أيضاً أن الإيمان الكامل ناتج عن الثقة الكاملة بالنفس فأي نقص في الأخيرة ينتج عنه قصور في الإيمان الداخلي و بالتالي كل واثق من نفسه هو ممن اصطفاه الله، و لكن مارتن لوثر يجد أن الإيمان الناقص يمكن أن يغفر إذا تاب العبد إلى الله. و هو بذلك يربط بين الإيمان و العمل حيث أن الأخير يكون متقناً كلما اتصف صاحبه بالأخلاق الرفيعة و بالإيمان القوي في قلبه و الناتج – كما سبق ذكره – عن الثقة بالنفس و إمكانياتها. و هنا تتمحور البروتستانية في إعطاء شعور الرضا و اليقين الذاتي من خلال العمل لتصبح بذلك وسيلة "لمواجهة مشاعر القلق الديني". إن الكاثوليكية جعلت من كهنة الكنيسة أسباباً للخلاص و الحصول على المغفرة و العفو من الله لأي من معتنقيها رغم ارتكابهم الآثام، في حين أن الكالفينية تعتبر الحياة الدينية مرتبطة بالحياة التي يعيشها الفرد بشكل عادي، أي أن الله لا يحاسب الفرد على أعماله الدينية المنفصلة عن ممارساته في حياته الاجتماعية فهي وحدة واحدة، فيسقط مع هذا الفكر "النمط الكاثوليكي" كما يرى فيبر و الذي يتحرك بين الخطيئة، الندم، التوبة، و الغفران ثم الخطيئة مرة أخرى. ثم يأتي فيبر إلى النسكية المسيحية التي ما لبثت أن أصبحت تتسم بعقلانية كلية. فأصبح مذهباً يحفظ البشر من إتباع الغرائز و الطبيعة و ذلك بهدف الانصياع لرغبة الإرادة. و لكن أن يكون في نفس الوقت على قدرة للعيش "حياة نشيطة و منفتحة"؛ فيصبح الهدف – إضافة إلى حفظ البشر من تبعية غرائزهم – على تنظيم سلوكهم. إن الكالفينية جعلت من دمج الإيمان الروحي بالحياة المهنية الداعية إلى إلغاء التصوف و التزام العقلانية في الدين جعلت من الكافينية توجهاً أصيلاً يدمج عهده القديم بالجديد. ففهم الكالفينية هو فهم لطريقة التأثير على الحياة العملية مع الحياة الدينية.
الــــــــــــــــخاتمة :

لا تختلف الكنائس البروتستانتية عن باقي الكنائس النصرانية سواء في الإيمان بإله واحد مثلث الأقانيم الأب، الابن، الروح القدس تثليث في وحدة، أو وحدة في تثليث، حسب افترائهم.
أو في الإيمان في عقيدة الصلب والفداء وتقديس الصليب.
كانت لحركات الإصلاح البروتستانتية الأثر الكبير في كشف عورات الكنيسة الكاثوليكية، وفي فضح سلوك القائمين عليها. كما أنّها أفسحت المجال أمام العلماء والمفكرين وعامة المؤمنين بالكنيسة في حق فهم الكتاب المقدس، وبالتالي كسرت احتكار رجال الدين لهذا الأمر، مع ما نشأ عن ذلك من آثار سلبية عديدة على النصرانية بوجه عام وعلى الكتاب المقدس بوجه خاص، حيث تعرض للنقد الشديد والتشكيك في صحة نصوصه.

مع أنّ البروتستانت قرروا حرية البحث والنظر في الأمور الإعتقادية، إلاّ أنّهم حرمَّوها فيما بعد كالكاثوليك، بل وأصبحت حرية الفكر عندهم مقتصرة فقط على نقد رجال الكنيسة الكاثوليكية. فقد عذبوا رجالاً من أجل عقائدهم مثل سرفيتوس الإسباني، ومنعوا كتباً من النشر لأنّها تحوي في نظرهم ما لا يتفق وتعاليم الكتاب المقدس.
يقول هربرت فيشر في أصول التاريخ الأوروبي الحديث عن لوثر: "لم يكن يؤمن بالبحث الحر ولا بالتسامح". وينقل غوستاف لوبون في كتابه روح الثورات والثورة الفرنسية تصريحاً للوثر بأنّه لا يجوز للنصارى أن يتبعوا غير ما جاء في الكتاب المقدس.
وعن موقف حركة الإصلاح الديني من العلم، يقول أ. وولف في كتابه عرض تاريخي للفلسفة والعلم: "أمّا من حيث حركة الإصلاح الديني فإنّ المصلحين كانوا لا يقلُّون تعصباً عن رجال الكنيسة الكاثوليكية إن لم يزيدوا عليها". ولذلك فإنّهم هاجموا النظريات العلمية واضطهدوا من يقول بها، ويقول كلفن بعد أن أعلن كفر من يقول بدوران الأرض: "مَن مِن النّاس يجرؤ على أن يضع سلطة كوبر نيكوس فوق سلطة الروح القدس؟".

لم يكن اضطهاد العلماء في تلك الفترة بأقل من اضطهاد الفلاسفة. فكما حاربت البروتسانتية النظريات العلمية المخالفة لنصوص الكتاب المقدس، كذلك حاربت العقل واضطهدت الفلاسفة أمثال آرازموس الذي حاول التوفيق بين العقل والكتاب المقدس. يذكر ديورانت في قصة الحضارة تصريحات للوثر تبين تطرفه في إنكار العقل حيث يقول: "أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل والعقل، فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر" ويقول: "إنّ العقل أكبر عدو للدين".

نتيجة للحروب بين الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية، واضطهاد العلماء وقتلهم، وقتل الروح العلمية والفكرية، وتطرُّف زعماء حركة الإصلاح البروتستانتي في ذم العقل، أدى ذلك كلّه إلى ظهور الأفكار المناوئة للدين، وتعالت الصيحات الإلحادية التي تطالب بحرية الفكر وسيادة العقل، واعتباره المصدر الوحيد للمعرفة، وأيضاً المناداة بفصل الدين عن الدولة.
استطاع اليهود تهويد بعض الكنائس البروتستانتية، وتسريب الأفكار الصهيونية، وإنشاء أحزاب وكنائس تتبناها وتدعو إليها من خلال ما يعرف بالصهيونية المسيحية. وللحقِّ فإنّ هناك من داخل الكنيسة الإنجيلية في أمريكا مَنْ وقف لهم بالمرصاد مثل: المجلس الوطني للكنائس المسيحي، الذي يضم 34 طائفة يبلغ عدد أتباعها نحو الأربعين مليون شخص. وتتعاطف الكنائس الإنجيلية: المشيخية، المنهجية، المعمدانية، الأسقفية، بنسب متفاوتة مع هذا الاتجاه.

لائحة المصادر والمراجع
- 1الموسوعة العربية، إشراف محمد شفيق غربال- دار الشعب ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر.
-2
الموسوعة الثقافية، مدير التحرير/ فايزة حكيم رزق الله – دار الشعب- مصر.
-3
دائرة المعارف قاموس عام لكل فن ومطلب، بطرس البستاني – دار المعرفة – بيروت.
-4
قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود ومحمد بدران، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.
-5
روح الثورات والثورة الفرنسية، د. غوستاف لوبون، ترجمة محمد عادل زعيتر، المطبعة العصرية.
-6
عرض تاريخي للفلسفة والعلم، أ. وولف، ترجمة محمد عبد الواحد خلاف، مطبعة لجنة التأليف والترجمة.
-7
المصلح مارتن لوثر- حياته وتعاليمه، د. القس حنا جرجس الخضري، دار الثقافة، مصر.
-8
جون كلفن – دراسة تاريخية عقائدية، تأليف د. القس حنا جرجس الخضري، دار الثقافة، مصر.
-9
حديث مع جون كلفن، القس لبيب مشرقي، دار نوبار، مصر.
-10
إيماني الإنجيلي، د. القس فايز فارس، القس منيب عبد النور، القس إميل زكي.
-11
تاريخ الفكر المسيحي، د. القس حنا جرجس الخضري، دار الثقافة، مصر.
-12
محاضرات في النصرانية، الشيخ محمد أبو زهرة.
-13
موقف الإسلام والكنيسة من العلم، عبد الله سليمان المشوخي، مخطوط على الآلة الكاتبة.
-14
الأصول الوثنية للمسيحية، أندريه نايتون، إدغار ويند، كارل غوستاني يونج، ترجمة سميرة عزمي الزين. سلسلة من أجل الحقيقة، من منشور المعهد الدولي للدراسات الإنسانية.
-15
مصلح في المنفى جوف كلفن – موجز عن حياته ومبادئه، د. هاري إيبرتس، ترجمة وليم وهبة بباوي.[vi]
-16
النبوءة والسياسة، غريس هالسل، ترجمة محمد السماك، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية.
-17
الصهيونية المسيحية، محمد السماك، دار النفائس.
-18
المسيحية والسيف، رواية شاهد عيان لإبادة ملايين البشر في الأمريكتين، سلسلة من أجل الحقيقة -3- من منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية.
-19
النشاط السري اليهودي في الفكر والممارسة، غازي محمد فريج، دار النفائس، بيروت.
-20
شهود يهوه، بين برج المراقبة الأمريكي وقاعة التلمود اليهودي، حسين عمر حمادة، دار قتيبة، دار الوثائق، دمشق، بيروت.



[i] المصلح مارتن لوثر- حياته وتعاليمه، د. القس حنا جرجس الخضري ج. 2.ص 220.
[ii] الموسوعة العربية، محمد شفيق غربال ج 1ص120.
[iii] -دائرة المعارف قاموس عام لكل فن ومطلب، بطرس البستاني ج.الثانى ص177.
[iv] إيماني الإنجيلي، د. القس فايز فارس، القس منيب عبد النور، القس إميل زكي ص 20
[v] - جون كلفن – دراسة تاريخية عقائدية، تأليف د. القس حنا جرجس الخضري ج 3 ص 118.
[vi] - مصلح في المنفى جوف كلفن – موجز عن حياته ومبادئه، د. هاري إيبرتس بباوي.156 

هناك تعليق واحد: