الاثنين، 17 ديسمبر 2012

سلسلة التعريف بالمسيحية وفكرها (16):نسطوريوس و الكنيسة النسطورية، لمحمد بلوقي.

بسم الله الرحمان الرحيم
        نسطوريوس و الكنيسة النسطورية.
تاليف: محمد بلوقي.

 نسطوريوس، حياته، معتقده و مصيره.
تضاربت الآراء حول أصل نسطوريوس بين المؤرخين و العلماء و زمن ميلاده، بين من يظن أنه سوري، و بعض أخر يضن أنه فارسي، و أما النساطرة فإنهم يظنون أنه من أصل يوناني[1].
و يعتقد كواستن (J. Quasten) بأن نسطوريوس يتحدر من عائلة فارسية كانت تسكن مدينة مرعش و لقد ولد سنة 381م[2]، فيما يذهب (ج. ويلتر) إلى أنه من أصل سوري[3] وولد سنة 380م[4].
تلقى علومه الدينية في دير (أبريبيوس) "Euprepius"[5] على يد الفيلسوف تيودوريوس المبسيوستي (Theodore de Mopsueste)[6] وهذا قول هاوارد (Haward) وكواستن، غير أن الاستاذ The.Camelote))   والعالم آمان (E.Aman) استبعدوا الأمر، واعتبروا أن لا وجود لأدلة كافية تثبت وجود علاقة بين نسطوريوس وتيودوريوس المبسيوستي.[7]
كان خطيبا مفوها ولاهوتيا مثقفا وثاقبا[8] ، وصاحب موهبة في الوعظ إلى جانب حلاوة صوته في تلاوة القداسات[9].
كان في الأصل راهبا في أنطاكية[10]، حيث تأثر يمنحاها اللاهوتي الذي كان يشدد في مفهومه عن المسيح على أنه إنسان-الإله[11]، وقد اختاره الإمبراطور ثودوريوس الثاني ليكون أسقفا على مدينة القسطنطينية، لان الاكليروس لم يتفقوا على تعيين أسقف محلي[12]، ثم نصب رئيسا لأساقفتها في يوم 10 أبريل (نيسان) 428م، وهي السنة التي توفي فيها معلمه تيودوريوس.[13]
بدأ نسطوريوس مهمته في العاصمة البيزنطية بحماس زائد، وراح يطهر المدينة من الهراطقة، وقد قال مخاطبا الإمبراطور في يوم تنصيبه أسقفا "هبني بلادا بدون هراطقة، أمنحك السماء بديلا، استأصل معي الهراطقة أقف بجانبك في محاربة الفرس"[14]،وقد اشتهر أول ما اشتهر بالعنف الذي قاتل به الاريوسيين[15].

المبحث الأول: الفكر العقائدي عند نسطوريوس

المطلب الأول: حقيقة العذراء مريم

أثارت آراء نسطوريوس الكرستولوجية انزعاج الكنيسة وغضبها، فتدخلت هذه الأخيرة بقوم لمحاصرته والقضاء عليه، حيث قامت  معارضته ضده من بعض رجال الدين "الاكليروس"، وعند إذ استعمل نسطوريوس القسوة والشدة لكي يرجع الذين تزعموا حركة المعارضة ضده[16] .
ومن المعتقدات التي نادى بها نسطوريوس مسألة (أمومة مريم للإله)، حيث اعتبر أن العذراء أم بشرية الابن لا أولهته، لذا لم تكن تلزم تسميتها أمُّ الله (theotokos)، بل فقط أمُّ المسيح (Christokos).[17]
ولو يكن نسطوريوس أول من أثار مشكلة أمومة مريم للإله، إذ أم هذه القضية كانت قد تفجرت في القرن الخامس عندما أعلن أحذ الكهنة في القسطنطينية وهو "أناستاسيوس" (Anastase)، اعتراضه على وصف العذراء مريم بصفة الإله وانزعج اليونانيون من هذا الكاهن وآرائه عن السيدة العذراء، ولكن نسطوريوس وقف إلى جواره يدافع عنه[18]، فوعظ وعلم ودافع بكل قوته ضد هذا اللقب، لذلك اشتهرت عنه هذه الهرطقة أول ما اشتهرت به، مما جعله عرضة للثورة والمعارضة.
وفي معرض دفاعه، أخذ نسطوريوس يفصل في هذا الأمر فذهب إلى أن العذراء ولدت إنسانا فيه كلمة الله حيث مر بها وعن طريقها، ومن ثم فانها ليست أم الله، إذ أن لاهوت الكلمة لم يأخذ أصله ومصدره ووجوده مكن مريم، بل أخذ مصدره من الله لأنه اله بالطبيعة...[19].
وكان لتفضيل نسطوريوس للقب "أم المسيح" (Christokos) سببا آخر،إذ يرى أن في استعمال مصطلح "أمُّ الله" قد يؤدي إلى الخلط بين الآلهات الوثنيات وبين أم يسوع المسيح، وقد فصل نظريته على الشكل التالي: "أليس القول إن لكلمة اله الأقنم الثاني في الثالوث أمّاً تبريرا لجنود الوثنيين الذين يعطون أمهات لآلهتهم"[20].
ثم أنه يتساءل كيف يمكن أن يلد ما ليس من طبيعته؟ إذ "لا يمكن الجسد أن ينجب إلا الجسد، والله وهو روح خالصة لا يمكن أن يكون ولد من امرأة، لم يتمكن المخلوق من إنجاب الخالق، ومريم لم تلد إلا الإنسان الذي تسد فيه كلمة الله "[21]، واستشهد في ذلك بنا جاء في الكتاب المقدس، "إنجيل يوحنا 1:2"، و "أعمال الرسل14:1"و...
هذا خلاصة قول نسطوريوس في مريم العذراء، وقد يبقه الى ذلك ديودوريوس الطرسوسي وثيودوريوس الموبسيوستي وأناستاسيوس، وكلهم ينتنمون إلى المدرسة الأطاكية التي تقول بفكرة الإنسان – الإله في المسيح عليه السلام.
المطلب الثاني: المسيح بين اللاهوت والناسوت:

يعتبر "بولس الشمشاطي" (أو السموزاطي أو السيميساطي) وهو بترك أنطاكي أول من ابتدع في شأن المسيح قضية اللاهوت والناسوت، قال سعيد بن البطريق: وبعد موته اجتمع ثلاثة عشرا أسقفا في مدينة أنطاكية، ونظروا في مقالة "بولس" فأوجبوا عليه اللعن فلعنوا من يقول بقوله واصرفوا.[22]
ثم ظهرت الفكرة نفسها في المنطق ذاتها، ومن هؤلاء الذين أحيوا هذا النقاش اللاهوتي من ذكرناه سالفا ( ديودوريوس الطرسوسين ثيودوريوس الموبسيوستي، اناسنتاسيوس)، ثم جاء نسطوريوس الذي أنكر لقب امَّ الاله وكان ذلك بمثابة الشرارة التي أشعلت النار، فقد أدى قوله هذا إلى مشكلة أكبر وهي ازدواجية شخصية المسيح، بين أن يكون ابن الاله أو ابن مريم  الإنسان وهكذا عادت فكرة اللاهوت والناسوت في المسيح.
توصل نسطوريوس بأن يسوع المسيح ليس سوى إنسان أقام فيه كلمة الله "كما في الهيكل"، وهو من ثم ليس إنسانا إلها، بل فقط حامل للإله (Théophore)، فالابن لم يزل متولدا من الأب، وإنما تجسد واتحد بجسد المسيح حين ولد[23] ، ويعتقد نسطوريوس بأن الوحدة التي تمت بين الاهوت والناسوت قد حدثت من البداية أي من اللحظة الأولى التي تكون فيها الجنين في بكن القديسة مريم، وعندما ولد هذا الطفل الذي كان فيه الكلمة كان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس (لوقا 52:2)، ففي هذا الإنسان أي يسوع الناصري سكن كلمة الله، فمريم ولدت المسيح  بناسوته وأن ألاهوت لم يفارقه قط[24]، غير أن لكل طبيعة (لاهوت وناسوت) ما يميزها عن الأخرى، فاللاهوت لا يقبل الزيادة ولا النقصان ولا يمتزج بشيء، لم يولد ولم يرضع، ولم يعذب ولم يصلب ولم يمت، والناسوت يقبل الزيادة والنقصان لذا قال بأن المسيح شخصان وطبيعتان لهما مشيئة واحدة.
وفي خطابه الذي أرسله إلى القديس كيرلس بتاريخ 15 يونيو سنة 430م يشرح فيه لماذا يؤمن بوجود طبيعتين في شخص المسيح ويستشهد بقانون إيمان نيقية، إذ أنه يعتقد بأن آباء نيقية عبروا بقانون الإيمان هذا عن إيمانهم العميق بلاهوت وناسوت المسيح لأن قانون الإيمان يتكلمن عن الابن الوحيد المولود من الأب (الطبيعة الالهية) الذي تألم من أجلنا (الطبيعة البشرية)[25]، بمعنى أن الآلام والمعاناة التي عاشها المسيح من قبيل التعذيب والصلب مثلا، إنما عاشها المسيح الإنسان، وان روح الله المتجسدة فيه لم يحصل لها شيء من ذلك، فالقتل وقع على المسيح من جهة ناسوته وليس من جهة لاهوته، لأن الاله لا تحله الآلام[26].
ويجعل نسطوريوس من الكتاب المقدس مصدره الرئيس للاستدلال به، ولإثبات صحة مذهبه، فيقرأ قول القديس متَّى «كتاب يسوع المسيح ابن داوود ابن إبراهيم»(متَّى 1:1)، وقوله «ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح» (متَّى 16:1).
وقد أثر مفهومه هذا عن طبيعة المسيح حتى على مفهومه ل"الأفخارستيا" (العشاء الرباني) فذهب خلاف ما ذهبت إليه الكنيسة آنذاك بوجود عنصرين مختلفين في الأفخارستيا "الخبز والخمر" من ناحية و "جسد الرب" من ناحية أخرى، اتحدا فيما بينهما، فحضور الرب في الأفخارستيا بحسب المفهوم النسطوري عبارة عن عملية اتحاد وليس تحول[27] .
كان هذا خلاصة ما ذهب إليه نسطوريوس في المسيح وقد عرضَّه ذلك لسخط ولعنة الكنسية، التي أجمعت بعد ذلك على إدانته بالهرطقة، وفصله عن كل الجسد الكهنوتي، وتم ذلك في مجمع افسس المسكوني سنة 431م.

المبحث الثاني: مجمع افسس: الحكم على نسطوريوس:

أصبح أتباع نسطوريوس يزيدون أكثر فأكثر، وأصبحوا يشكلون تهديدا، بأن رئيسهم وفقـاً لكلام "بولشيريا" (Pulcherie) كان مشعلا مضمرا للحرائق[28]. فوصلت أخبار نسطوريوس إلى سائر بطاركة البلاد، فانفعلوا لها، وخاصة بطريرك الكنيسة السكندرية "قلعة الارثودوكسية" (كيرلوس)، الذي كان متبحرا في علوم الدين، فانعقدت مجامع دينية في كل من السكندرية وروما لدحض الأفكار المهرطقة  التي نادى بها نسطوريوس، مع قرار بخلعه عن كرسي أسقفية القسطنطينية سنة 430م[29].
غير انه تمت قبل ذلك مراسلات عدة بين "كيرلوس" و"نسطوريوس"، كانت بدايتها في نهاية صيف 429م، ثم رسالة ثانية في يناير- فبراير 430م، رد عليها نسطوريوس برسالة عقائدية في 15 يونيو 430م يرفض فيها تعاليم كيرلوس، ويشرح فيها أفكاره التعليمية[30].
وبعد محاولات عدة لعقد الصلح بين جميع الأطراف تقرر عقد مجمع ديني في بلدة افسس (وهو المعروف بمجمع افسس) يطلب من الإمبراطور "'تيودوسيوس الثاني" وبحضور 198 أسقفا (وذكر ابن القيم أنهم مائتا أسقف)، وأرسلوا إلى نسطوريوس للمناظرة، فامتنع ثلاث مرات فاجمعوا على لعنه[31].
أما عن سبب امتناعه فقد ذكر سوريال عطية أن ذلك راجع إلى غياب الوفد الأنطاكي الذي كان متعاطفا مع نسطوريوس، وخاصة رئيس الوفد "يوحنا الانطاكي".[32]
وهكذا صدر قرار بنفيه إلى الواحات الليبية حيث وقع في أيدي البلاعمة في جنوب الواحات الليبية[33]، ثم بعد ذلك إلى مصر وأقام في أخميم سبع سنوات، ومات ودفن بها[34] سنة 451م[35].
ولقد وضع نسطوريوس كتابا يدافع فيه عن نفسه تحت عنوان "بَزَار هرقليدس "Bazar of Heraclides" تحت اسم مستعار تحاشيا للمزيد من التعذيب[36].
المبحث الثالث: الكنيسة النسطورية

صار اسم نسطوريوس مقترنا بمذهب الطبيعتين لشخص المسيح، ثم خرجت من تحت عباءته الكنيسة النسطورية التي لم يكن له يد في تأسيسها، و إن كانت تؤِمن بمبادئه.
بعد أن أغلقت مدرسة الرها بأمر من الإمبراطور زينون (474 – 491م) وطرد النساطرة من مملكته، و الذي صادق عليه المجمع المسكوني الخامس في القسطنطينية (553م)[37]، انتقل أساتذتها و طلبتها المتأثرين بتعاليم نسطوريوس إلى مدرسة نصيبين، التي أسسها "برموصا" (ابن صرما) واضع قوانينها و "ترسيس" روح المدرسة و رأسها المدبر الذي جعل من المدرسة مركزا لإشعاع النسطورية و انتشارها[38] و لقبه النساطرة بـ:"قيثارة الروح القدس" و "العالم الجليل"[39].
ثم جاء باباي الأكبر الذي كان رئيسا على دير إبراهيم في جبل إيزالا، و هو الجبل المعروف اليوم باسم "طور عبدين" فوق نصيبين في شمال سورية الشرقية (العراق)[40]، و في عهده كانت مبادئ الكنيسة النسطورية قد تبلورت في صيغتها النهائية، و هي المبادئ التي عرضها في كتابه «كتاب الإتحاد»[41].
و في عهد يسوهاب الثاني (628 – 643م)، الذي خلف "باباي الأكبر"، عرفت النسطورية انتشارا واسعا في بلدان شرق أسيا.

 الكنيسة النسطورية في بلدان شرق آسيا:

ساعد الاستقرار الداخلي و الخارجي للنساطرة، و بعدهم عن النزاعات و المشاحنات اللاهوتية العنيفة، ووجودهم على التخوم الفارسية الشرقية (حيث سلوقيا – كتريفون و هي نقطة التقاء القوافل التجارية بين الجزيرة العربية و وسط آسيا و الهند و الصين) على نشر معتقداتهم في بلاد الشرق، خاصة منها في الصين التي لم يصادفوا فيها أي مقاومة شديدة لنشاطهم  التبشيري في بلاد الصين خلال القرنين السابع و الثامن، على أنه في القرن التاسع حدث تبدل في الأحوال عندما أصدر الإمبراطور "ووتسينج" مرسوما برجوع الكهنة و الرهبان إلى الحياة العلمانية.
ومع نهاية القرن الثالث عشر نسمع عن رجل من أصول صينية على العرش البطريركية النسطورية باسم "بهب الده الثالث" (1280 – 1317م)، كما أنه من خلال مصادر صينية تبين أن هناك نساطرة في الصين في القرن الرابع عشر، ووجد علماء الآثار صورة أثرية على جدار في الصين تحتوي على قساوسة نسطوريين يؤِدون بعض الشعائر الدينية[42]، كما امتد نشاط الكنيسة النسطورية إلى  الجزيرة العربية و المناطق الجنوبية من الهند حيث لا تزال كنيسة "ماتوما" مؤسسة مرموقة حتى اليوم[43].

الكنيسة النسطورية في عهد الخلافة الإسلامية:

إن القرن الأول في عصر الخلفاء الراشدين كانت تتميز بروح عالية من السماحة بالنسبة للمسيحيين، و لم يتبدل الحال إلا في أواخر العصور الوسطى مع التقلبات التي جرت على مسرح الأحداث، و حظي النساطرة بامتياز خاص، خاصة في ظل الخلافة العباسية، حيث شغلوا مناصب مرموقة، من ذلك أن "بيت الحكمة" الذي أسسه الخليفة المأمون سنة 830م كان خاصا بالعلماء النساطرة في مختلف فروع المعرفة.
غير أن هذه الكنيسة النسطورية سرعان ما تدهورت لأسباب داخلية و خارجية، خاصة في القرنين الثاني عشر و الثالث عشر، بعد الانهيار العام الذي أصاب البنية الأساسية للخلافة العباسية نفسها. و جاءت أحداث القرن الرابع عشر لتضيف مآسي جديدة على الكنيسة في فارس، إذ زحف تيمورلنك (1386 – 1405م) بجحافله ليدمر كل شيء، حيث خرب الكنائس في كل من بغداد و الموصل و اربيل و نصيبين...التي كانت من قبل معاقل هامة للنساطرة[44].

الكنيسة النسطورية في العصور الحديثة:

بعد أن اجتاحت جحافل تيمورلنك مناطق آسيا الغربية، انتقلت البطريركية من بغداد إلى بلدة مراغة شرقي بحيرة أورميا، وبعد توالي السنين، أصبحت البطريركية النسطورية مؤسسة وراثية وعرف هذا النظام معارضة شديدة، و هكذا تقرر انتخاب بطريرك جديد بعد وفاة شمعون بار سنة 1551م فانتخب يوحنا سلاقة، الذي تحول إلى المذهب الكاثوليكي ليضمن البابوية له في الاحتفاظ بالعرش البطريركي النسطوري. لكنه قوبل بمعارضة شديدة فتم اغتياله، و رغم ذلك استمرت التبعية لروما مستمرة إلى أن جاءت سنة 1670م حيث عاد خلفاء سلاقة إلى مذهبهم النسطوري.
و في منتصف القرن الثامن عشر، قام احد كبار الأساقفة من ديار بكر و اسمه يوسف بالتمرد على السلسلة الثانية الخاضعة لروما، لتبدأ سلسلة ثالثة من البطاركة النساطرة الخاضعة أيضا لروما، غير أن ورثة البطريرك سلاقة، الذين كانوا من أنصار الإتحاد مع روما سابقا، انقلبوا على هذه البدعة و راحوا يقاومون هذه التبعية، حفاظا على التراث النسطوري العريق.
وفي مطلع القرن التاسع عشر، بقي النساطرة في حالة من العزلة، إلى أن اكتشفهم شخص يدعى "كلود جيمس ريتش"، حيث قدم تقريرا عن منطقة «نينوى»، تحدث فيه عن النساطرة و معتقداتهم.
و تقاطرت بعدها البعثات البروتستانتية على المنطقة في محاولة لضم النساطرة لكن دون جدوى أما عن سبب انضمامهم إلى الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية، فقد كان بسبب الظلم الذي عانوا منه في ظل الحكم التركي، إذ كانوا يتطلعون من خلال هذا الانضمام مساعدة الإمبراطور و تخليهم عن الأتراك لكن شيئا من ذلك لم يحدث فعادوا إلى النسطورية القديمة[45].
و خلال الحرب العالمية الأولى، تعرض النساطرة للاضطهاد في شمال العراق، حيث أبيد العديد منهم و في سنة 1933م تعرضوا مجددا للاضطهاد من قبل السلطات العراقية فهاجر العديد منهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية بمن فيهم البطريرك، حيث استقر أتباعه[46].
و أما البطريرك الحالي فهو "مار دنحا" انتخب عام 1967م، و مقره طهران، وهو يحاول أن يوحد شعبه المنتشر في العراق و إيران و سورية و جنوب الهند[47] .
خاتمة:

ظهر في السنين الأخيرة نقاش أخر حول انتماء الكنيسة الأشورية (النسطورية) للكنيسة الأورثودوكسية، إذ اصدر راهب من الكنيسة القبطية كتابا عن الكنيسة الأشورية باسم "الكنائس الشرقية و أوطانها، الجزء الأول  - رؤية عامة – كنيسة المشرق الأشورية" و هو الراهب (أثناسيوس المضاري)، الذي حاول أن يثبت أن الكنيسة الأشورية ليست نسطورية المذهب، و ذلك في محاولة لإعادتهم إلى حضن الكنيسة الأرثوذوكسية.
غير أنه تعرض لهجوم حاد من طرف نيافة الأنبا بيشوى الذي أشار أن المجمع المقدس للكنيسة الأرثودوكسية في جلسته في 1/6/1996م قد أقر بيانا أشار فيه إلى أنه: "اتضح بعد بحث في الحوار السرياني في فينا في يونيو 1990م و فبراير 1996م، أن الأشوريين هم نساطرة..." و اعتبر أن عودة النسطورية داخل الكنيسة الأرثودوكسية هي من أخطر القضايا منذ مجمع أفسس إلى الآن و دعا إلى محاربة هؤلاء الهراطقة – على حد قوله – بفرض عقوبات كنسية و كشف ظلالهم. و في حوار رسمي له مع الأنجليكان في تشياميزين بأرمينيا في نونبر 2002م، اتفقوا على ظلال و هرطقة كريستيولوجية الأشوريين[48].    
 
المراجع:

Ø   تاريخ الفكر المسيحي، د. القس حنا الخضري، مطبعة دار نوبار للطباعة، شبرا، مصر، الجزء2، 2001م.
Ø  الهرطقة في المسيحية، ج. ويلتر، ترجمة جمال سالم، دار التنوير للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت، لبنان، 2007م.
Ø  تاريخ الكنيسة الشرقية، عزير سوريال عطية، ترجمة إسحاق عبيد، الطبعة الأولى ،المجلس الأعلى للثقافة،القاهرة ،مصر ،2005 م
Ø  موسوعة الأديان المسيرة ،راتب عموش الأولى ،1422هـ-2001م .،دارا لنفائس،الطبعة
Ø  هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن قيم الجوزية، مكتبةالصفا، الطبعة الأولى ،1426هـ -2006م.
Ø  الملل والنحل، أبي الفتح محمد عبد الكريم بن أبي بكر احمد الشهرستاني تحقيق عبد العزيز محمدا لوكيل، دار الفكر ،لبنان، بيروت .
Ø  الديانة المسيحية، نهى نجار ،د .ط، د .ت .
Ø  تاريخ الكنيسة، نيافة الأنبا بشوي، عن موقع: www.masi7i.com
Ø  الفرق المسيحية منذ ظهور الإسلام حتى اليوم، دار الأوائل، نهاد خياطة د .ط،د .ت .


-تاريخ الفكر المسيحي، القس حنا الخضري،مطبعة دار نوبللطباعة، شبرا، مصر الجزء 2، 2000م،ص 153.[1]
- نفسه، نفس الصفحة.[2]
-جورج ويلتر، الهرطقة المسيحية، ترجمة جمال سالم، دار التنوير للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت،لبنان،2007م. ص92.[3]
- موسوعة الأديان الميسرة، هنري كريمون، دار الفائس، ط1، 2001م 1422هـ، ص475.[4]
-تاريخ الفكر المسيحي، مرجع سابق، ص154.[5]
- قاموس أباء الكنيسة و قديسيهاwww.popekirillos.com  [6]
- المرجع السابق، ص156.[7]
- الهرطقة، مرجع سابق، ص92.[8]
- تاريخ الكنيسة الشرقية،عزير سوريال عطية، ترجمة إسحاق عبيد، ط1، 2005م، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة مصر، ص304.[9]
-نفسه، ص304.[10]
- موسوعة الأديان الميسرة، راتب عموش. ص475.[11]
- تاريخ الفكر المسيحي، ص157.[12]
- نفسه، ص158.[13]
- تاريخ الفكر المسيحي، ص158. [14]
-الهرطقة في المسيحية، مرجع سابق، ص154.[15]
-تاريخ الفكر المسيحي، مرجع سابق، ص162.[16]
 الهرطقة. مرجع سابق، ص62.-[17]
- تاريخ الكنيسة الشرقية. م.س. ص304.[18]
- تاريخ الفكر الديني.م.س.ص166 – 167.[19]
- الهرطقة، م.س. ص92 – 93.[20]
- نفسه، نفس الصفحة.[21]
- هداية الحيارى في أجوبة اليهود و النصارى، ابن القيم الجوزية، مكتبة الصفء، ط1، 1426هـ/2006م، ص252[22]
- الهرطقة.م.س. ص180.[23]
-الملل و النحل، أبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل، دار الفكر، لبنان، بيروت، ص225.[24]
- تاريخ الفكر المسيحي، م.س. ص180.[25]
- الملل و النحل، م. س. ص225.[26]
- المرجع السابق، ص185.[27]
-  الهرطقة، م. س. ص93.[28]
-  تاريخ الكنيسة الشرقية، م. س. ص304.[29]
- تاريخ الفكر الديني، م. س. ص206 – 205.[30]
- هداية الحيارى، م. س. ص262.[31]
- تاريخ الكنيسة الشرقية، م. س. ص205.[32]
- تاريخ الكنيسة الشرقية،ص305. [33]
- هداية الحيلرى، ص 262.[34]
- المرجع السابق، ص306.[35]
- نفسه، نفس الصفحة.[36]
- نفسه، ص307.[37]
- الفرق المسيحية منذ ظهور الإسلام حتى اليوم، دار الأوائل، نهاد خياطة،.د.ط/د.ت/ ص99.[38]
- تاريخ الكنيسة الشرقية، م. س. ص309.[39]
- الفرق المسيحية، م.س. ص100.[40]
- تاريخ الكنيسة الشرقية، ص310. [41]
- أنظر الصورة في آخر العرض.[42]
- عن كتاب، تاريخ الكنيسة الشرقية، بتصرف.[43]
- عن كتاب، تاريخ الكنيسة الشرقية، بتصرف.[44]
- عن كتاب، تاريخ الكنيسة الشرقية، بتصرف.[45]
- موسوعة الأديان الميسرة، راتب عموش، مقال: هنري كريمونا، ص475.[46]
- الديانة المسيحية، نهى النجار، ص175.[47]
- تاريخ الكنيسة، نيافة الأنبا بيشوى، ص،90 – 91 – 92 – 93.[48]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق