الاثنين، 17 ديسمبر 2012

سلسلة التعريف بالمسيحية وفكرها (24): يوحنا بولس الثاني. نورا التازي.

تنبيه وتوضيح:
هذه سلسلة عروض وتقارير صغيرة  عن المسيحية: تاريخها وأعلامها ومشكلاتها.. وهي تهدف للتعرّف على هذه الديانة الكبيرة وفق المنهج الإسلامي الذي يقوم على المعرفة قبل الحكم مقتديا في ذلك بالقرآن الكريم الذي لا يكتفي بالرد على أهل الملل والنحل، بل يحسن عرض مبادئ الأديان ويشير إلى محطات مهمة من تاريخها وتحولاتها.
وهذه البحوث التي أعرضها هنا تباعا هي لبعض طلبتي الذين درّست لهم بماستر مقارنة الأديان مادة: الفكر الديني المسيحي. وأكثر هؤلاء ما عادوا طلبة عاديين، فإن منهم أساتذة وباحثين.. لذلك أنا على يقين أنهم الآن لو استُكتبوا في هذه القضايا سيكتبون بطريقة أعمق وأفضل. لكن بحوثهم وتقاريرهم -وإن كان الغرض منها التدريب والتعليم- إلا أنها مفيدة وتلقي أضواء كافية على أهم قضايا المسيحية ورجالها.
وقد سبق أن أخذت موافقة أكثر طلبتي على نشر هذه التقارير. لكن إذا كان أحد غير موافق على ذلك، فليكتب إليَّ حتى أحذف مشاركته.


ورقة تعريفية ليوحنا بولس الثاني:
إعداد: نورا التازي.

هو "كارول جوزيف فوتيلا" بولندي الجنسية، ولد في 18 أيار عام 1920 في بولندا لأب كان يعمل موظفاً في الجيش البولندي. وقد تدرج في السلم الكنسي من راعي إلى أسقف إلى كاردينال إلى أن اختير عام 1978 للمنصب البابوي، وقد كان يبلغ من العمر آنذاك 58 عاماً وهو البابا رقم 265 في تاريخ باباوات الكنيسة الكاثوليكية، كما يعتبر أول بابا غير إيطالي يتقلد هذا المنصب منذ 465 عاماً.بعد الهولندي اندريان السادس(سنة1522) [1]..
كان يوحنا بولس الثاني كاتباً ذا أعمال عديدة: نشر مجموعة قصائد (على سبيل المثال: ثلاثية رومانية ـ تأملات، 2003). كتب أيضاً عملاً مسرحياً عام 1960 بعنوان "حانوت الصائغ" مستعملاً اسماً مستعاراً (Andrzej Jawien). لديه أيضاً منشورات عديدة في اللاهوت والأخلاق (محبة ومسؤولية 1969، أُسُس التجديد 1972، علامة وتناقض 1977) وأخيراً كتب سيرته الشخصية عام 2004 في "قوموا لنذهب".  إن إرشاداته الرسولية الأربعة عشر يُظهرون إنساناً متمسّكاً بإيمان الكنيسة وتقليدها فيما يتعلَّق بمواضيع الأخلاق وخصوصاً الشؤون الجنسية، كما أنه مهتمٌ بتطوير نظرة الكنيسة فيما يتعلَّق بحقوق الإنسان. منها نذكر:
عنوان الإرشاد الرسولي باللاتينية
عنوان الإرشاد الرسولي بالعربية
سنة نشر النص اللاتيني
Redemptor hominis
فادي الإنسان
1979
Dives in misericordia
الله الغني بالرحمة
1980
Laborem exercens
مزاولة العمل
1981
Familiaris Consortio
الشراكة العيليّة
1981
Dominum et vivificantem
الرب المُحيي
1986
Redemptoris mater
أم الفادي
1987
Sollicitudo rei socialis
الإهتمام بالشأن الإجتماعي
1987
Mulieris Dignitatem
كرامة المرأة
1988
Christifideles laici
العلمانيون المؤمنون بالمسيح
1988
Redemptoris Missio
رسالة الفادي
1990
Centesimus annus
السنة المئة
1991
Veritatis splendor
تألق الحقيقة
1993
Fides et Ratio
1998
Ecclesia de Eucaristia
الإقخارستيا حياة الكنيسة
2003
** فوتيلا أكثر باباوات الكنيسة الكاثوليكية الذين قاموا بزيارات خارجية، كان أشهرها رحلاته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والبرازيل وكوبا في الأعوام من 1995 – 1998 والمكسيك التي زارها في أول عام توج فيه بابا للكنيسة[2]، ثم إلى المنطقة العربية والتي بدأها بزيارة مصر والأردن وفلسطين ثم سورية واليونان ومالطا متتبعاً آثار رحلة السيد المسيح -عليه السلام- كما يزعم في نشر المسيحية في العالم.
وكانت هذه الزيارات لأسباب عدة ومتنوعة، رغم أن محورها الأساس هو التبشير، إذ أن أول قضية واجهها بعد اعتلائه السدة البابوية:في يونيو 1978م، هوذاك " العجز الذي أصيبت به الكنيسة في العقدين الآخيرين ، وفشلها في اكتساب أتباع جدد، بل حتى الاحتفاظ بالأتباع القدامى....
والانحسار الرهيب في عدد الذين يرغبون في تكريس أنفسهم تلامذة للمسيح، مما يشير إلى[أنه كان متوقعا] أن عام2000م، قد يشهد كنائس بدون كهنة"[3].

* أبرز مواقفه:
        - اهتمامه بقضايا الأسرة(الطلاق، الاجهاض، الديمقراطية المسيحية،العدالة الاجتماعية.   
        -13-4-1986:زيارة يوحنا بولس الثاني لمعبد يهودي، لأول مرة في التاريخ[4] .
        - زيارته لحائط المبكى.
- أصدر عن الفاتيكان وثيقة(بريا)  القاضية بتبرئة اليهود من دم المسيح"  وهذا ما يحيل مباشرة على نقطة سياسية مفادها الاعتراف المقبل بالكيان الصهيوني كدولة قائمة بحكم الواقع[5].
- نفي مسألة الحمل وزر الخطيئة الأولى.
- دور البابا يوحنا بولس الثاني في انهيار الاتّحاد السوفيتي، إذ لعب دورا أساسيا ومحوريا في القضاء على الشيوعية وانهيار الكتلة الشيوعية في أوروبا الشرقية ويعد البابا يوحنا من أهم وأخطر اللاعبين الذين عجلوا بسقوط الاتحاد السوفيتي عندما بدأ حملة ناجحة لإسقاط النظام الشيوعي في موطن رأسه بولندا[6].
ففي 2 يونيو 1979"عاد يوحنا بولس الثاني إلى موطنه الأصلي بولندا(مقر حلف وارسو) لمدة تسعة أيام لزيارة كانت بداية انهيار الاتحاد السوفيتي من خلال دعمه لاتحاد نقابات العمال المستقلة (تضامن) في بولندا حيث ساعدها على الوصول للسلطة لتصبح أول حكومة حرة في الكتلة الشرقية ومن خلال مطالبته القوية بحرية العقيدة والممارسة الدينية في دول العالم الشيوعي وبخاصة في وطنه.
وكان ممّا قاله في الجوع المحتشدة هناك خطبة نارية جاء فيها: "إن المسيح يحارب الشيوعية،لا تكونوا اشتراكيين،نفهم من الكاهن الأكبر، نريد الله في مدارسنا، نريد الله في منازلنا.." وكان البابا قد أصدر قبل عام ونيف كتاب بعنوان (الذاكرة والهوية) قال فيه إن الشيوعية كانت -شرا لابد منه-[7].
وربما كان هذا النجاح الذي حققه الفاتيكان في لعب دور أساسي في الحرب الباردة يطرح سؤالا هاما حول طبيعة الدور السياسي الذي لعبه الفاتيكان خلال القرن العشرين، وما إذا كان الفاتيكان يلعب دورًا سياسيًا أم لا؟ وما مدى هذا الدور وحجمه وقدرته على التأثير.
على العموم افترض البعض و نتيجة للطريقة التي اعتلا فيها يوحنا بولس الثاني الكرسي الرسولي ونظرا لخرقه عرفا قارب الخمسة قرون من اعتلاء بابا غير إيطالي المنصب ولقدومه من بلد عرف بأنّه منطلق لزعماء اليهود في أوروبا سابقا.
ونظرا لظروف موت سلفه السابق الغامضة، والذي قيل إنه كان لا يتلاءم مع المشاريع المناهضة للشيوعية لكونه مناصرا للفقراء والمزارعين والفلاحين ومتمسكا في موقف الكنيسة الصلب من اليهود، أنّ هناك ترتيباً أمريكا أوروبياً في اختياره خاصّة أن هذا البابا يرجع إليه الفضل في إعادة العلاقات الدبلوماسية للفاتيكان مع الولايات المتحدة عام 1984 في عهد الرئيس اليميني المسيحي الأمريكي رونالد ريغان.
 وبغض النظر عن صدقية القول إنه من أصل يهودي، فالحكم يجب أن يتم على الأفعال لا على الأقوال وهذا ما ننوي تشريحه.
قبل سبعة أعوام من موته قام بتوجيه اللوم لأتباعه المتسببين في "الهولوكوست اليهودي"، وهو يعلم تماما أنها من أكبر أكاذيب بني يهود في تاريخهم الحديث
لقد كان يوحنا بولس الثاني شخصية مثيرة للجدل. ففي حين أنه دعا إلى العمل في سبيل مكافحة الفقر، فإنه أصر بالمقابل على أن موانع الحمل غير مقبولة أخلاقيا. وقال إنه كان يريد تحسين أوضاع النساء في حين أنه كتب أن الأمومة يجب أن تكون الطموح الطبيعي للمرأة.
وانتقد البابا مرارا الليبرالية التي رآها في كل مكان من حوله. وشمل المثليين جنسيا بغضبه وشفقته في آن معا، مما أزعج الناشطين في مجال الدفاع عن حقوقهم[8].
وقد وذهب البعض إلى الافتراض بأن هناك مخططات أمريكية أوروبية دعمت وصوله آنذاك، وتجددت الشبهات حول اختياره مرة أخرى ، من جراء المواقف التي اتخذها عندما أصبح بابا.
عندما أصبح البطل الأهم في إسقاط الشيوعية في بلده بولندا، ومرة أخرى عندما قدم الفاتيكان اعترافا دبلوماسيا رسميا بدولة إسرائيل وثالثا عندما ذهب لحائط المبكى واعتذر لليهود عن ما قام به أسلافه في حقهم[9].
هناك ترجمات منشورة" تشير إلى أن "كارلو فويتيلا " أو "البابا يوحنا بولس الثاني" كان يهوديا تشيكيا حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره، وأنه انتقل الى بولندا مع بدايات الحرب العالمية الثانية عام 1939، وتنصر هناك، ثم صار كاهنا في عام 1945م.
ولعل ما يعضد النظرية التحولية للبابا بولس الثاني من اليهودية إلى المسيحية الحقائق التالية:               أن "كارلو فويتيلا " أو "البابا يوحنا بولس الثاني" فيما بعد، هو الأب الحقيقي لوثيقة "تبرئة اليهود من دم يسوع المسيح"، حيث جاء في نفس الوثيقة أن "المسيح كان يهوديا، وسيبقى يهوديا".[10]
وإذا أضفنا إلى السن الصغير أنه "ليس ايطاليا" لأول مرة منذ خمسة قرون ، لكان ذلك إشارة قوية إلى النفوذ الاستثنائي "غير الطبيعي" الذي يقف وراء ذلك الرجل بالذات.فاض هذا "البابا"بالذات على "اليهود" من العطف والكرم والعطايا ما لم يحلم به أي يهودي في أي عصر من العصور، فقد اعترف بدولة "اليهود" في نفس العام الذي اجتاح فيه أولئك اليهود الدولة العربية الوحيدة التي تحتفظ بطابع مسيحي، وهي لبنان، بل انه قال في حقهم : لو كان المسيح يهوديا، فانه لشرف عظيم لبابا روما أن يكون يهوديا هو أيضا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق