الاثنين، 17 ديسمبر 2012

سلسلة التعريف بالمسيحية وفكرها (23): الكنيسة القبطية.تأليف: خليد سرسار.

بسم الله الرحمان الرحيم
الكنيسة القبطية.
تأليف: خليد سرسار
  تعريف:
إن كلمة" قبطي " مشتقة من الكلمة اليونانية " أجيبتوس " والتي اشتقت بدورها من كلمة "هيكابتاه" ، وهي أحد أسماء ممفيس، أول عاصمة لمصر القديمة. وحاليا، فككلمة " قبطي " تصف مسيحيي مصر، وكذلك آخر مرحلة للكتابة في مصر القديمة. وهي كذلك تصف الفن المميز والعمارة التي نبعت من الإيمان الجديد .
  يمكن استخدام الاصطلاح السائد الذي يجمع مفرد " قبطي ب" قبط " أو " أقباط ".ويؤكد عدد من الباحثين أن أصل هذه الكلمة هي " هاكا- بتاح" وهو اسم مصر في القرون الغابرة. ويعني المقطع الأول" المعبد " أو" الأرض" أو المكان ".. بينما يعني المقطع الثاني " الروح " أو الإله بتاح.
 ويقال إن الإغريق القدامـى أضافـوا للكلمة بضعة ـ حروف يونانيـة. لتتمحور فتصبح " إهيجيستوس " وهـي الكلمة التي اشتقـت منهـا لفظـة  " إيجيبت " (Egypt)وهو اسم مصر في اللغات الأوربية واللاتينية.
  ومع دخول اللغة العربية إلى مصر بعد الفتح  العربي الإسلامي تحورت " الجيم " إلى قاف" فأصبحت ايقبط، ثم تبسطت لتصير " قبط " وانصهرت في قواعد اللغة لتصبح " أقباط ".
 إن الكنيسة القبطية مبنية على تعاليم القديس مارمرقس، الذي بشر بالمسيحية في مصر، خلال فترة حكم الحاكم الروماني " نيرون " في القرن الأول ، بعد حوالي عشرون عاما من صعود السيد المسيح. ومارمرقس هو أحد الإنجيلين وكتب أول إنجيل. وانتشرت المسيحية في كل أنحاء مصر خلال نصف قرن من وصول مارمرقس إلى الإسكندرية (كما هو واضح من نصوص العهد الجديد التي اكتشفت في البهنسا ، بمصر الوسطى، وتؤرخ بحوالي200م2 وجزء بسيط من إنجيل القديس يوحنا ، مكتوب بالغة القبطية ، الذي وجد في صعيد مصر ويؤرخ في النصف الأول من القرن الثاني ). إن الكنيسة القبطية- وهي عمرها الآن أكثر من تسعة عشر قرنا من الزمان- كانت موضوع العديد من النبوءات في العهد القديم. ويقول إشعياء النبي في إصحاح 19، الآية 19: وفي ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر ، وعمود للرب عند تخمها. "
صليب قبطي
مساهمة الكنيسة  في المسيحية: 
ان مساهمة الكنيسة القبطية في المسيحية لهي عديدة، فقد لعبت دورا مهما في اللاهوت المسيحي... وخاصة لتحميها من الهرطقات الغنوصية. وقد حمت الكنيسة القبطية آلاف النصوص ، والدراسات اللاهوتية والانجيلية، وهي مصادر هامة لعلم الاثار. وقد تمت ترجمة الكتاب المقدس الى اللغة القبطية في القرن الثاني. واعتاد مئات الكتبة بنسخ نسخ من الكتاب المقدس وكتب طقسية ولاهوتية.والآن،تضم مكتبات ومتاحف وجامعات في العالم تجمع مئات الآلاف   المخطوطات القبطية .
التأسيس وأبرز الشخصيات:
في نهاية القرن التاسع الميلادي وبالتحديد بعد انقضاء مجمع القسطنطينية الخامس عام 879م اصبح يمثل الارثوذكسية كنيستان رئيسيتان - الكنيسة الارثوذكسية او كنيسة
_ الكنيسة الارثوذكسية المصرية او القبطية  والمعروفة باسم الكنيسة المرقسية الارثوذكسية او كنيسة الاسكندرية التي تؤمن بان المسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة وتضم كنائس الحبشة والسودان  ويوافقها على ذلك كنائس الارمن واليعقوبية
  ويدعي اصحابها ان مؤسسهامرقس الرسول عام  5 4م 
بوادر الانفصال:
ظهرت بوادر الانفصال المذهبي للكنيسة المصرية منذ ان جعل الامبراطورثيودوسيوس كنيسة القسطنطينية هي الكنيسة الرسمية للامبراطورية الشرقية عام 381م، وان كنيسة الاسكندرية تليها في المرتبة مما دفع بطريرك الاسكندرية  كيرلس عام 412م الى تولي زعامة الشعب ضد الامبراطور وعماله في مصر.
زادت هوة الخلاف بين الكنيستين على اثر اعلان نسطور اسقف القسطنطينية مقالته، التي تصدى لها كيرلس بطريرك الاسكندرية في مجمع افسس عام431م، الذي استطاع استصدار حكم ضد نسطور باللعن والطرد.    
الانفصال الرسمي:
بعث فلافيانوس بطريرك القسطنطينية  مقالة نسطور مرة اخرى فتصدى لها ديسقورس بطريرك الاسكندرية في مجمع افسس عام449م، والذي لم يعترف به اسقف روما فعقد لذلك مجمع كليدونية عام451م، ليقرر لعن ديسقورس، ونفيه بل وتعين بطريرك ملكاني خلفا له، الامر الذي دفع الكنيسة المصرية لاعلان عصيانها وعدم اعترافها بمجمع كيلدونية ولا بقراراته، مما سبب عودة الاضطهاد مرة اخرى، لحمل الكنيسة المصرية على عقيدة كنيسة القسطنطينية والتي توافقها عليها الكنيسة الغربية. هكذا عاشت الكنيسة المصرية سلسلة من المنازعات حول تعيين الاسقف الى ان تم الاتفاق عام 482م على أن يختار المصريون اسقفهم دون تدخل من الامبراطور فكان هذا التاريخ يمثل بداية الانفصال الحقيقي عن كنيسة القسطنطينية . 
سرعان ماعاد الاضطهاد مرة اخرى للكنيسة المصرية ،بعد تولي هرقل المقوقس حكم مصر بعد استردادها من الفرس عام 628م مما دفع بطريرك الكنيسة
المصرية بنيامين للهروب الى الصحراء، وأن يكتب الى جميع اساقفته باللجوء الى الجبال و البراري فرارا بعقيدتهم .
بوادر الاصلاح:
بدأت بوادر الاصلاح وتطوير الكنيسة المصرية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وخاصة في عهد البطريرك كيرلس الرابع1854- 1862م
"ابو الاصلاح" كما يسميه اتباع الكنيسة، لادخاله العديد من الاصلاحات لمواجهة نشاط الارساليات الكثوليكية والبروستانتية،التي زاد نشاطها، واستطاعت تأسيس مراكز للدعوة الى مذاهبهم في صعيد مصر بوجه خاص.
ويعد حبيب جرجس 1867م-1951م من ابرز رواد الاصلاح والتطوير في الكنيسة المصرية، حيث انشأ مدارس الاحد ن والمدرسة الاكليريكيةن ودعم واسهم في العديد من الانشطة الاجتماعية والثقافية، التي توسعت بعده الى حد كبير، فظهرت المجلات والجرائد النصرانية.
أهم الافكار والمعتقدات:
تؤمن الكنيسة مثل باقي الكنائس الاخرى باله واحد مثلث الاقانيم، الاب-الابن- روح القدس، حسب ما ورد في قانون الايمان النيقاوي 325م .
كما تؤمن بربوبية وألوهية الرب المسيح في آن واحد،على أنهما من جوهر واحد ، ومشيئة واحدة، ومتساويان في الازلية.
-يعتقد الارثوذكس الاقباط أن الاقانيم الثلاثة ماهي الا خصائص للذات الالهية الواحدة، ومتساوية معه في الجوهر، والازلية، ومنزهة عن التأليف والتركيب.
-الايمان بتجسد الاله في السيد المسيح، من أجل خلاص البشرية من اثم خطيئة آدم وذريته من بعده، فيعتقدون انه ولد من مريم ،وصلب ومات فداء لخطاياهم،ثم قام بعد ثلاثة ايام ليجلس على يمين الرب ليحاسب الخلائق يوم الحشر.
-الايمان بان السيدة مريم العذراء والدة الاله، ولذا يحبون تقديسها. كما يقدسون القديسين ،و الايقونات غير المجسمة، وذخائر القديسين، ويقدسون الصليب ويتخذونه رمزا وشعارا.
تؤمن الكنيسة القبطية المصرية بالمجامع المسكونية السابقة على مجمع كليدونية 451م.
العبادات و الشعائر :
تؤمن الكنيسة الارثوذكسية الاسرار السبعة للكنيسة :1-  سر المعمودية  2- سر الميرون  3- سر التناول  4- سر التوبة والاعتراف  5- سر الكهنوت  6- سر الزيجة  7- سر مسحة المرضى.  
الصلاة : يعتقد الارثوذكس بوجوب سبع صلوات، صلاة باكر وتقال في الفجر، وصلاة التاسعة وتقال حوالي الثالثة بعد الظهر، وصلاة الغروب، وصلاة النوم ، وصلاة نصف الليل وتقال على دفعات.
والصلاة اما أن تكون فردية أو جماعية، وهي عبارة عن دعاء بهيئة معينة، ولا تستخدم الالات الموسيقية في الترانيم الكنسية، ولايقام فيها القداس يوميا.
الصوم:وهو الامتناع عن الاكل حتى الغروب ، ولغير المستطيع أن يصوم على قدر طاقته. ويعفى منه خمس فئات: المرضى والرجل الشيخ والمرأة العجوز والاطفال اقل من اثنتي عشر سنة والمرأة الحامل والمرضع.
 والاقباط لديهم مواسم للاصوام غير موجودة في أي طائفة مسيحية أخرى، فمن 365يوما في العام يصوم الاقباط 210يوما
قداسات الكنيسة القبطية:
هناك ثلاثة طقوس أو قداسات أساسية في الكنيسة القبطية: قداس باسيليوس أسقف قيصرية،قداس القديس غريغوريوس أسقف القسطنطينية،وقداس البابا كيرلس الاول،البطريرك رقم 24.ان أساس أو روح القداس الكيرلسي مستوحى من قداس مار مارقس(باللعة اليونانية) من القرن الاول...
ومن الجدير بالذكر أن القداس الباسيلي هو الاكثر استخداما في الكنيسة القبطية.
الجذور الفكرية والعقائدية:
-الكتاب المقدس بالاضافة اى المجامع المسكونية حتى مجمع كليدونية 451م.
-الفلسفة الافلاطونية الحديثة، والفلسفة الغنوصية.
-الحضارات القديمة: المصرية-اليونانية- الهندية.
الانتشار ومواقع النفوذ:
ينتشر نفوذ الكنيسة القبطية المصرية في مصر حيث يبلغ اجمالي نصارى مصر بجميع مذاهبهم وطوائفهم 7.8 من اجمالي السكان حسب الاحصائيات الرسمية بالتعاون مع عشر هيئات محلية وعالمية، ويتبعها نصارى الحبشة و السودان، حيث بها أقدم الكنائس التابعة لكنيسة الاسكندرية.
 وفي العصر الحديث أسست الكنيسة المصرية عدة كنائس تابعة لها في كل من كينيا، وليبيا، والجزائر، والكويت، والعراق، والامارات ،البحرين ،وبلاد الشام ،وفلسطين... وأمريكا الشمالية ، وكندا ، وأستراليا..
الرهبنة :
لقد نشأت الرهبنة في مصر ،وكانت ذات تأثير هام في تكوين شخصية الكنيسة القبطية في الاتضاع و الطاعة،والشكر كله لتعاليم وكتابات آباء آباء برية مصر العظام. وقد بدأت الرهبنة في أواخر القرن الثالث، وازدهرت في القرن الرابع. ومن الجدير بالذكر أن الانبا أنطونيوس وهو أول راهب مسيحي في العالم، كان قبطيا من صعيد مصر، والانبا باخوميوس الذي أسس نظام الشركة والرهبنة،كان قبطيا كذلك، والانبا بولا،أول السواح كان قبطيا.وهناك العديد من مشاهير الآباء الاقباط، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:الانبا مكاريوس،والانبا موسى الاسود، ومارمينا العجايبي.. ومن آباء البرية المعاصرين البابا كيرلس السادس وتلميذه الانبا مينا آفا مينا. " ثم البابا شنودة الثالث حاليا، وهو خليفة مارمرقس البطريرك 117.

  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق