الاثنين، 17 ديسمبر 2012

سلسلة التعريف بالمسيحية وفكرها (22):فلسفة الدين عند ماكس فيبر، تأليف: لمياء بوحرزية.



فلسفة الدين  عند ماكس فيبر
تأليف: لمياء بوحرزية
سيرته الذاتية والعلمية:
فيلسوف، اقتصادي قانوني وعالم اجتماع مؤرخ سياسي ألماني، ينتمي إلى عائلة بروتستانية تعمل في الصناعة، أتم ماكس دروسه الثانوية في برلين، وحصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية سنة 1882م، وانتقل إلى جامعة هايدليرغ، فتتلمذ على يد الاقتصادي كارل فينس، وعلى مؤرخ الفلسفة الحديثة كونوفشر، ومنها إلى جامعة غوتنغن، فنال منها شهادة الدكتوراه 1889م، ثم دكتوراه التأهيل للتدريس الجامعي سنة 1891م.
علم الاقتصاد السياسي في جامعة فريبورغ ابتداء من سنة 1894م، ثم في جامعة هايدلبرغ ابتداءا من سنة 1897م، ثم توقف عن التدريس الجامعي إثر وعكة صحية ألمت به 1899م، فتخلى نهائيا عن التدريس سنة 1903م، فتحول إلى التأمل الفلسفي، ونشر دراسة عن الأخلاق والبروتستانتية، وصار منزله في هيدليرغ مكانا للفلاسفة والسياسيين، توفي 1920م.

مؤلفاتـه:
1-"تأملاته في خصائص وتطور تاريخ الشعوب في الأمم الهندية الجرمانية" (1882م)، وهي أول مقالة كتبها، وهو في الخامسة عشرة من عمره.
2-"روشروكنيس والمشاكل المنطقية للاقتصاد" (1903م) وهو أول كتابه في مناهج البحث في الاقتصاد.
3- "موضوعية المعرفة في علم الاجتماع وفي علم السياسة الاجتماعية" (1904م)، وهو مقال نشره في مجلة "محفوظات في علم الاجتماع والسياسة الاجتماعية".
4- "الأخلاق البروتستانية وروح الرأسمالية" (1905م)، وهو مؤلف   أثار ضجة كبيرة ويعتبر من أشهر مؤلفات ماكس، اعتبر فيه أن الأخلاق البروتستانية لعبت دورا إيجابيا في نمو روح الرأسمالية.
5- "علم الاجتماع الديني" (1916-1917م).
6- "الحياد التقويمي"، وهي دراسة ظهرت سنة (1917م).
7- "الاقتصاد والمجتمع" (1922م) وهو كتاب، توفي ماكس فيبر دون أن يتمه ونشر بعد وفاته، وقد جمعت مقالات فيبر في مجلدات نشرت بعد وفاته ومنها:
8- "دراسات في علم اجتماع الدين" (1921م).
9- "دراسات في منهج العلمي" (1922م).
10- "دراسات في علم الاجتماع والسياسة والتاريخ الاجتماعي والاقتصادي" (1924)(1) (موسوعة أعلام الفلسفة، ج2، ص: 188-189.).

فلسفة الدين عند ماكس فيبر:
تتركز فلسفة ماكس فيبر على وجود منازعات وتوترات وتصادمات في الحياة والمجتمع، تدفع بالإنسان نحو صراع دائم بين المتقابلات تجعل من الحياة كفاحا متواصلا يسعى إلى تحطيم العقبات التي تحول بين الإنسان وبين بلوغه أغراضه، وبما أن هذا الصراع حتمي، فإن ماكس يرفض إمكانية حدوث أي انسجام نهائي. ويعهد بمهة إيجاد التسويات إلى نشاطين رئيسين يسعيان إلى إيجاد تسوية تهدف إلى مساعدة الناس على احتمال العيش هما الدين والسياسة.
ما يهم فيبر بمهمة في الدين هو تبريره لوجود الشر ومحاولته التوفيق بين نزاعات الحياة والوجود التي لا يمكن التغلب عليها.
والأديان كلها هي في نظره منهج حياتي يفترض وجود انسجام أو وحدة أصلية، فيغتاظ من التصادم المستمر من المنازعات الحتمية ويسعى إلى تسويته عن طريق نظام يعد بتعويض مستقبلي.
- ويعتبر فيبرأن الإلحاد لا يكون بالسعي إلى إيجاد بديل عن الله، بل بالقبول بلا معقولية العالم المؤدية إلى التنازعات دون السعي إلى إيجاد توفيقات مؤقتة تصالح بينها.
- "يرى أن الربوبية باتت مسألة جوهرية بالنسبة إلى الأديان التوحيدية، فهي في الأساس معظم الأخرويات الانقادية والتصورات المتعلقة بالثواب والعقاب في العالم الآخر" (2) ( تاريخ الفكر الأوربي الحديث رونالد سترمبرخ ص: 134) .
والنظريات الثنائية المواجهة بين الخير والشر حتى الانتصار النهائي للخير وقت غير محدد، وهي كذلك في أساس الإيمان بالقدر.
- والمحرم برأيه ظاهرة ثانوية من الناحية الدينية، لأن غايته هي بخاصة اقتصادية وتربوية وبرغماتية (3) ( سسيولوجيا ماكس فيبر، جوثيان فروند، ترجورج أبي صالح. ص 93)  
  - " يرى فيبر أن الدين يسعى إلى تسوية المنازعات فقد نظر إليه فيبر من خلاال حتمية الصراع ، فاعتبر أنه يقوم أساسا على التوتر بين العالم المادي والعالم الروحاني، فيتضمن منازعات عديدة وحادة منها:
أولا: التضاد يبين الأديان الأخلاقية كدين كونفوشيوس، وبين أديان الخلاص القائلة بالنجاة في الآخرة.
ثانيا: التضاد بين الأديان الباطنية والأديان الخارجية.
وهو تضاد يؤدي إلى تباين في فهم الدين: هل هو خادم لله أو موظف من نظام تصاعدي، والأديان الباطنية هي التي تتمسك بالإيمان الباطن الحي ذي الطابع الصوفي، والقائم على المعجزات والنبوات  والأديان الخارجية هي الأديان التي تتعلق بالفرائض الدينية والشعائر والطقوس والمراسم الخارجية للعبادات. (4) ( تاريخ الفكر الاجتماعي الرواد والاتجاهات المعاصرة، محمد علي محمد ص 326) .
والتضاد الثالث هو الجدال بين السلفية والتجديد، والتضاد الرابع هو تضاد سلوك العابد الزاهد المتبتل والمنقطع كالراهب الكاثوليكي الذي تخلى عن الدنيا واعتزلها، وسلوك الإنسان العادي الذي يعيش بين الناس ومثلهم كالمطهر البروتستانتي الذي يمار س الحياة اليومية ضمن نشاط أفراد المجتمع.
أما التضاد الأخير في داخل الدين فهو تضاد الأديان الجديدة مع الأديان القائمة في المجتمع عينه، كتنازع الإسلام مع الأديان الكتابية والجاهلية الوثنية( تاريخ الفكر الاجتماعي ص 328 ) .
" ولا يقتصر فيبر على التنازعات داخل الدين بل بوجود تنازعات بين الدين وغيره من الاهتمامات الإنسانية كالسياسة والفن والاقتصاد التوتر بين الدين والسياسة يقوم على نوعية العلاقة بين الدين والسلطة الدنيوية، فإذا تصالحا خف التوتر، أما إذا اختلافا قاوم الدين السلطة الزمنية فازداد التوتر(5)( التفكير الاجتماعي- نشأته وتطوره- د.زيدان عبد الباقي ص 75) ".
"أما توتر الدين والفن فيقوم على نظرة الدين إلى الفن نظرة ارتياب واتهام أدت إلى منع وتحطيم الصور في الكنائس البروتستانتية وإلى تحريمها في بعض الأديان.
أما أهم تضاد بين الدين وغيره من الاهتمامات الإنسانية فهو تضاده مع الاقتصاد الذي يقوم على التوتر الذي يلازم سلوك الأعمال البيوريتاني الذي يمنعه زهده الأخلاقي والديني عن وضع أمواله في خدمة متعته الشخصية ويدعوه في الوقت نفسه إلى رسالة هي خلق الثروة الذي يؤدي إلى مضاعفة الأموال، وقد أدى التضاد بنظر فيبر إلى دور كبير لعبته الأخلاق البروتستانتية في قيام الرأسمالية الحديثة.
" الفعاليات الدينية تتفاعل والفعاليات الدنيوية، وينشأ عن تفاعلها أسلوب حياة مميز، وأن ثمة بين البروتستانتية وبين الرأسمالية علاقة وطيدة" (6) ( دراسات في التنمية الاجتماعية. ص 95).   
" الرأسمالية مظهر فريد من الحياة الاقتصادية، والبروتستانتية مظهر فريد من الحياة الدينية" ( المرجع السابق ص 100) .
     المصادر والمراجع    
1) موسوعة أعلام الفلسفة -العرب والأجانب-
قدم له الرئيس سارل حلو، إعداد: الأستاذ روني إيلي ألفا. مراجعة ذ. جورج نخل. ج 2 – دار الكتب العلمية بيروت ، لبنان، الطبعة الأولى 1992م.
2) " تاريخ الفكر الأوروبي الحديث" . رونالد سترمبرخ، ترجمة احمد الشيباني. المجلد 2. دار المعرفة، الطبعة الأولى 1977م.
3) " سوسيولوجيا ماكس فيبر" جوليان فروند ترجمة أبي صالح. مركز الإنماء القومي الطبعة الأولى بدون تاريخ.
4) " تاريخ الفكر الااجتماعي – الرواد والاتجاهات المعاصرة " ذ. محمد علي محمد – كلية الآداب . جامعة الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية-.
5) " التفكير الاجتماعي – نشأته وتطوره -" ذ. زيدان عبد الباقي ، دار نشر الثقافة . طبعة 1972م. 
6) " دراسات في التنمية الاجتماعية"، تأليف: ذ. سيد محمد الحسني، ذ. علياء سكري، ذ. محمد علي محمد، و ذ.محمد الجوهري. دار المعارف، مصر، الطبعة الثالثة 1977م.      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق