الأحد، 1 يوليو 2012

مادة الثقافة الإسلامية ودورها في تعزيز قيم الوسطية بين الطلاب (1).

 
مادة الثقافة الإسلامية  ودورها  في تعزيز قيم  الوسطية بين الطلاب (1).
تأليف: إلياس بلكا
 المقدمة:
       بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي علم الإنسان بالقلم، علّمه ما لم يعلم. والصلاة والسلام على أستاذ البشرية ومعلم الناس الخير، وعلى آله الطيبين وأصحابه أجمعين.
      وبعد، فإن موضوع هذا البحث هو بيان أهمية تدريس مادة الثقافة الإسلامية لجميع الطلاب في مختلف التخصصات.
     ذلك أن من أسباب غياب الوسطية لدى فئات واسعة من الشباب: عدم توفر تربية دينية سليمة وثقافة إسلامية صحيحة، فيعاني الشباب من فراغ معرفي وتربوي  يصبح معه فريسة سهلة لكل أنواع التطرف، بشقيه: الإسلامي والعلماني.
     لو قدمنا لشبابنا ثقافة إسلامية وسطية، حتى لمن يدرس الطب أو الهندسة أو الرياضيات منهم.. فسيفهمون دينهم وواقعهم وظروف عصرهم مما يجعل منهم رجالا ونساء فاعلين وإيجابيين، يبنون ولا يهدمون.
     لذلك فعدم الاهتمام بتدريس هذه المادة، أو تدريسها بمناهج قديمة متجاوزة، أو عدم تدريسها أصلا، كما هو حال كثير من البلاد العربية والإسلامية.. كل ذلك يساهم في انتشار الفهوم المعوجة للدين، ويهيئ الشباب لتقبل الأفكار الخطأ. لذلك لابد أن تكون المادة  إجبارية في جميع الجامعات وفي مختلف مراحل الدراسة.
تمهيد في  التعريف بمصطلحات  البحث:
      أهم مصطلحات البحث هي: الوسطية والثقافة الإسلامية، لذلك وردت في العنوان. وتوجد مصطلحات أخرى وثيقة الصلة بهما.
أولا- الوسطية، ومصطلحات أخرى:
     مادة وسط تدل على مجموعة معاني، لكنها جميعا متقاربة، منها عند ابن فارس: " العدل، والنصف. وأعدل الشيء أوسطه ووسطه." فالوسط هو ما بين طرفي الشيء، أو بمعنى خيار الشيء وأفضله..
     وقد جاءت الكلمة ومشتقاتها في القرآن الكريم بمعنى العدل والخير والوسط بين طرفي الإفراط والتفريط. قال سبحانه: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا.) البقرة:143. وذكر الزجاج أن فيها قولين: " عدلا. وقال بعضهم:  أخيارا. واللفظان مختلفان والمعنى واحد، لأن العدل خير، والخير عدل."
الغلو:
     قال ابن فارس: الغلو " يدل على ارتفاع ومجاوزة قدر." وقال ابن منظور: "غلا في الدين والأمر يغلو غلوا، جاوز حدّه." ومنه قول الله سبحانه: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق.) النساء:171. وقول نبينا عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس، إياكم والغلو في الدين، فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين."
    إذن حقيقة الغلو هو الزيادة والإفراط في مجاوزة المقدار المعتبر شرعا في أمر من أمور الدين.
 الإفراط والتفريط:
     أفرط إذا تجاوز الحد في الأمر، فهو الإسراف، والزيادة على ما أُمرت به. أما فرّط تفريطا فهو التقصير، ففرّط في الشيء أي ضيعه وعجز عنه. وما ورد من الكلمة في القرآن فمن الثاني.
الجفاء، والجفو:
    لغة نبو الشيء عن الشيء. جاء في الحديث: اقرءوا القرآن.. ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه. قال أبو عبيد: الجافي عنه التارك له وللعمل به.
التطرف:
    التطرف في المعاجم هو الأخذ بأحد الطرفين والميل لهما. ويقصد به اليوم العدول عن طريق الوسطية والاعتدال في شؤون التدين والثقافة والعلاقات الاجتماعية والرؤية السياسية. لذلك يرى بعض الباحثين أنه يجدر بنا استعمال لفظة الغلو بدل التطرف، ذلك لأن " الوصف الشرعي للتشدد في الدين والغلو فيه يجب أن يكون مرجعه إلى الشرع نفسه لا اصطلاح الناس ومفاهيمهم وإطلاقاتهم."
    ولعل من أهم علامات التطرف: عدم الاعتراف بالآخر، ورفض الاستماع له، أو اعتبار  رأيه، والتعصب للرأي، والجمود على الموقف الواحد.
ثانيا- الثقافة الإسلامية ومصطلحات أخرى: 
  معنى الثقافة:
    لمادة ثقف  ثلاثة معان: الأول: التقويم، إذا ثقفت الشيء، فأنت قوّمته. والثاني الإدراك. والثالث الحذق والمهارة، ففلان ثقف، أي يستوعب المعلومة بسرعة.
    وفي المعجم الوسيط: الثقافة اصطلاحا هي مجموعة المعارف والمعلومات النظرية والخبرات العملية التي يكتسبها الإنسان، ثم يحدد على ضوئها طريقة تفكيره ومنهج سلوكه.
    وبناء على المعنيين معا، فإن الثقافة الإسلامية تكون هي مجموعة المعارف والمعلومات النظرية والخبرات العملية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية التي يكتسبها الإنسان ويحدد في ضوئها طريقة تفكيره ومنهج سلوكه في الحياة.
 مصطلحات مقاربة:
1-             التربية الإسلامية: في المصطلح معنى التربية يحيل  على التنشئة على الأخلاق الحسنة والمفاهيم الفكرية السوية، وإذا وصفت هذه التربية بالإسلامية فإنها تعني المنظومة التربية القائمة على منهج الإسلام، لذلك فهو مصطلح خاص، وإن كان العرف في كثير من البلاد العربية هو إطلاق كلمة "التربية الإسلامية" على المقررات الدراسية الخاصة بالدين في المستويات الأساسية والثانوية. يقول الأستاذ عبد الله اليوسف: "من أهم المواد الدراسية التي تساهم بدور فاعل في خدمة الأمن لدى الطلاب هي مواد التربية الإسلامية التي تدرس في جميع المراحل الدراسية منذ المرحلة الابتدائية إلى أعلى المراحل الدراسية. وتقوم مواد التربية الإسلامية على ترسيخ العقيدة الإسلامية في نفوس الطلاب في المراحل الأولى للتعليم..إن المواد الدينية في المدارس السعودية تشكل حجر الزاوية في التوعية الأمنية لحفظ المجتمع من الجريمة والانحراف.."
2-             الفكر الإسلامي: هو التراث العلمي والذهني الذي أنتجه المسلمون في مختلف الحقول المعرفية. وهو تراث نظري وعملي.. يحاول أن يستهدي بالوحي، فينجح أحيانا ويفشل حينا، لذلك فهو نتاج إنساني لجدل الدين المتعالي والواقع النسبي. ولمّا كان هذا المصطلح  يحيل على الجهد البشري الفكري في فهم الإسلام وتنزيل ممارسته على أرض الواقع.. فإن الكاتبين عدلوا عنه إلى مصطلح الثقافة الإسلامية.   
3-             مادة الحضارة الإسلامية: أي دراسة النواحي المدنية والعمرانية في تاريخ الأمة الإسلامية.    فالتركيز هنا على الجانب الحضاري في التاريخ الإسلامي، أي جانب العمران وما فيه من بناء وعمارة وصناعة وعلوم وفنون..
4-             دراسات إسلامية: وهذا مصطلح عام، فكل دراسة لها علاقة بالإسلام باعتباره دينا، أو باعتباره تاريخا أو حاضرا.. فهو يندرج تحت مسمى الدراسات الإسلامية.
    فهذه المصطلحات مغايرة لمصطلح الثقافة الإسلامية، لكنها تتداخل معه وتشترك في عدد من المعاني والماصدقات. 
يتبع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق