الأحد، 17 يونيو 2012

سلسلة التعريف بالمسيحية (1):المجامع المسكونية النصرانية. تأليف: رضوان المشاوري.

تنبيه وتوضيح:
هذه سلسلة عروض وتقارير صغيرة  عن المسيحية: تاريخها وأعلامها ومشكلاتها.. وهي تهدف للتعرّف على هذه الديانة الكبيرة وفق المنهج الإسلامي الذي يقوم على المعرفة قبل الحكم مقتديا في ذلك بالقرآن الكريم الذي لا يكتفي بالرد على أهل الملل والنحل، بل يحسن عرض مبادئ الأديان ويشير إلى محطات مهمة من تاريخها وتحولاتها.
وهذه البحوث التي سأعرضها هنا تباعا هي لبعض طلبتي الذين درّست لهم بماستر مقارنة الأديان مادة: الفكر الديني المسيحي. وأكثر هؤلاء ما عادوا طلبة عاديين، فإن منهم أساتذة وباحثين.. لذلك أنا على يقين أنهم الآن لو استُكتبوا في هذه القضايا سيكتبون بطريقة أعمق وأفضل. لكن بحوثهم وتقاريرهم -وإن كان الغرض منها التدريب والتعليم- إلا أنها مفيدة وتلقي أضواء كافية على أهم قضايا المسيحية ورجالها.
وقد سبق أن أخذت موافقة أكثر طلبتي على نشر هذه التقارير. لكن إذا كان أحد غير موافق على ذلك، فليكتب إليَّ حتى أحذف مشاركته. 

ونبدأ بأول مشاركة للأستاذ رضوان عن المجامع الدينية..



ماستر الدراسات السامية ومقارنة الأديان:


المجامع المسكونية النصرانية
تأليف: رضوان المشاوري

مقدمة:

تتصل دراسة المجامع بقضية التثلبث في العقيدة المسيحية. وذلك لأن التثليث على النظام الموجود حاليا، الذي تتصف به الديانة المسيحية حاصرا لم يكن من النعاليم الذي جاء بها السيد المسيح، بل ولا من تعاليم الإنجيل في حدود نصوصه الدينية ولكنه كان من تفسيرات القساوسة والأساقفة في المجامع التي انعقدت خاصة لمثل هذه التأويلات في العقيدة الدينية المسيحية، و مجمعا بعد مجمع، وطائفة بعد طائفة، وذلك الذي يسميه المسيحيون اليوم بالأقانيم.
فدراسة المجامع من زاوية أنها أضفت على وجودها مسحة من الأحقية في النشريع الديني بما لا يوجد له، ولا به، ولا فيه نص واحد من نصوص الإنجيل.
بل إن الرسائل التي تعتبر المصدر الوحيد للطقوس والبروتوكول الديني، لم يعترف بها إلا في بدء القرن الرابع الميلادي وما قبله من الزمن فهي إما مجهولة، أو غير معترف بصحتها.
وإذا... فأهمية الدراسة لهذه المجامع من ناحية هامة، وهي تحديد بدء الاتفاق على القول بالتثليث، وتحديد بدء إدخاله في الديانة المسيحية كنظام ديني.
كذلك تحديد الفاعلين والقائلين و المتدهنين بهذا التثليث وأدلتهم ومراجعهم الدينية أو التاريخية.
والقول بالتثليث لم يعلن للناس دفعة واحدة، بل في فترات متفاوتة وكان بإعلان المجامع التي تعقد من الأقاسفة وقرر فيها رأي معين. علما بأن المجامع كانت تتمحض عن قرارات ونظم في ما يختص بأمر العقيدة، وفي غيرها من النظم والتشريعات الأخرى.
وسيكون تركيزنا الأكبر على ما كانت تقرره تلك المجامع فيما يتعلق بالعقيدة.
هذه هي الناحية الأولى من نواحي الأهمية في دراسة المجامع النصرانية وهي أنها تبرز العوامل التي ساهمت في بناء العقيدة النصرانية ونشرها وهناك نواح أخرى تبرزها دراسة المجامع وهي معرفة كيف انفصلت الكنيسة جغرافيا إلى شرقية وغربية و كيف انفصلت عقائديا إلى أرندوكسية وكاثوليكية وبرونستاتية وكيف نشأت البابوية.
وكيف نشأت فكرة فصل الدين عن الدولة في أروبا.

المبحث الأول: تعريف المجامع  

المطلب 1 : تعريف المجامع و نشأتها


- المجمع لغة: المجمع من جمع الشيء عن تفرقه، والمجمع كالجمع: اسم لجماعة الناس، والمجمع يكون اسما للناس وللموضوع الذي يجتمعون فيه. ويصح في الموضع مجمع، بفتح الميم وكسر الثانية.

-المجامع اصطلاحا: المجامع هيئات شورية في الكنيسة المسيحية رسم الرسل نظامها في حياتهم، إذ عقدوا المجمع الأول في أورشليم سنة 51 ميلادية برئاسة أسقفها "يعقوب" الرسول. للنظر في مسألة ختان الأمم ومن تم نسجت الكنيسة بعد ذلك على منوالهم وعقد، ومن تم سن التلاميذ والمشايخ سنة جمع المجامع للنظر في أمور العقيدة والشريعة.   
     أما عن بداية المجامع النصرانية على وجه العموم فقد عقدت لما ظهر التغيير والفساد على دين المسيح
 وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله:
 " ولما أخذ دين المسيح عليه السلام في  التغيير والفساد، اجتمعت النصارى عدة مجامع تزيد عن ثمانين مجمعا" 1
وعقد أيام الحواريين من أجل النظر في إلزام  غير اليهود بالشريعة الموسوية أم لأ ، حيث قررالمجتمعون هناك أنهم لا يلزمون بالختان ولا الشرائع الموسوية، وإنما يلزمون فقط يالأمتناع عن الذبح للأصنام والزنا وأكل المخنوق والدم.



1. ، دكتور سلطان عبد الحميد سلطان  ص 79
المجامع النصرانية ودورها  في تحريف المسيحية
الطبعة الأولى 1415 / 1990
مطبعة الأمانة ـ القاهرة

المطلب الثانى   نواع المجامع

    المجامع المكانية
وفى هذا النوع من المجامع المكانية حيث يجتمع الأسقف بالقسوس والشمامسة فى مركز الإيبروشية أو فى المكان الذى يحددونه فى داخل الأيبروشية .
المجامع الإقليمية
التي تضم أساقفة كنيسة واحدة (بلد واحد) يقوم البابا (البطريرك) بالإجتماع مع الأساقفة لتدبير شئون الكنيسة أو ما يواجه الكنيسة من أخطار - وهو يقابل الآن إجتماعات المجمع المقدس برئاسة البابا , وفى الكنيسة القبطية يتم هذا الإجتماع فى يوم السبت السابق لعيد حلول الروح القدس , ويجوز عقد هذا الإجتماع فى أى وقت .
وقد عقد أجتماع للمجمع المقدس على غير العادة فى مصر فى الصوم ألأربعينى المقدس فى سنة 1978 م عندما فكرت الدولة فى أصدار قانون الردة .

المجامع المسكونية
شروط عقد المجامع المسكونية :-
1- تنعقد بسبب ظهور بدعة أو أنشقاق يؤثر على الإيمان الكنسى .
2 - يتم عقد المجمع المسكونى بدعوة من الإمبراطور المسيحى .
3 - يتم حضور غالبية أساقفة الكنيسة - شرقاً وغرباً , حتى يتم تمثيل كامل للكنيسة الجامعة ككل.
4 - تقرر حكماً دينياً جديداً أو تستقر على رأى لم يتفق عليه من قبل من واقع الإنجيل .
والمجامع المسكونية التى تنطبق عليها الشروط السابقة هى ثلاثة مجامع فقط :-
1 - مجمع نيقية المنعقد سنة 325 م .
2 - مجمع القسطنطينية المنعقد فى عام 381 م .
3 - مجمع أفسس الأول المنعقد سنة 431 م
وقد أعترفت الكنائس الشرقية والغربية بهذه المجامع الثلاثة ونفذت قرارتهما جميعا وتقرأ قانون اليمان فى هذه الكنائس جميعها . 
إختصـــاص المجـــامع الكنسية المسكونية
1 - عرض المسائل والمشاكل المتعلقة بالإيمان .
2 - وضع قوانين ونظم تسير عليها الكنيسة .
3 - فض المنازعات التى تنشأ بين الإكليروس والشعب وتقوم بالصلح بين الإكليروس والشعب أو كليهما .
4 - حل المشاكل العامة التى تقابل الكنيسة .
5 - محاكمة رجال الإكليروس إذا ضلوا عن الإيمان القويم أو ما يخالف ما تقررة الكنيسة من قوانين

http://www.coptichistory.org/new_page_29.htm                                                                                             

                  
المبحث 2: أهم المجامع المسكونية المقدسة  

يهمنا الآن في بحثنا التاريخي أن نبين الأدوار التي مرت عليها هذه العقيدة فإنه من المقرر في تاريخ المسيحية بالبداهة أن التثليث بالشكل الذي يعتقده جماهير المسيحيين، أو الكثرة الغالبة فيهم، لم يعلن للناس دفعة واحدة، بل في أزمان متفاوتة مختلفة، وكان بإعلان المجامع التي كانت تعقد في الأساقفة، وفيها يقرر المجمع رأيا معينا ولا يهمنا مما كانت تفرزه تلك المجامع إلا ما يتعلق بالعقيدة.1
لقد واجهت المسيحية ومنذ نشأتها التوفيق بين التوحيد الموروث عن اليهودية وبين الإيمان بأن المسيح إلـه وأن روح القدس إلـه أيضا، فكان الجدل حول سر الثالوت الأقدس ينال الدين المسيحي في صميمه، فإن لم يكن المسيح إلـها فالإيمان المسيحي عبث وباطل. وإن كان المسيح إلـها حقا فكيف تعلل الكثرة من الإلـه الواحد... وإن كان المسيح إلـها حقا فكيف يكون إنسانا حقا في الوقت نفسه.
وهكذا فإن الدين المسيحي أحس منذ نشأته بما له في سر الثالوت من معاناة. فكيف السبي        
إلى التوفيق بين التوحيد وبين الإيمان بأن المسيح إلـه  وأن روح القدس إلـه أيضا
  1. محاضرات في النصرانية، فضيلة الشيخ محمد أبو زهرة ط 4  1404 هـ  ص 110
  2. النصرانية نشأتها التاريخية وأصول عقائدها. الدكتور عرفان عبد الحميد فتاح ط الأولى 200  ص 84

مجمع نيقية المطلب الأول

سمي مجمع نيقية بهذا الاسم نسبة الي المدينة التي عُقد فيها وموضعها الآن قرية اسنيك التركية
. حضر افتتاح المجمع الامبراطور قسطنطين الأول و بدأ مجمع نيقية جلساته في 20 مايو 325 و لا يعرف بالضبط عدد من حضره من الاساقفة و لكن يعتقد ان العدد تراوح بين 250 الي 318 اسقف معظمهم من الشرق (يعود عدد الاساقفة ال318 إلى ما بعد السنة 360)
عقد المجمع بناء على تعليمات من الامبراطور قسطنطين الأول لدراسة الخلافات في كنيسة الإسكندرية بين آريوس واتباعه من جهه وبين الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) و اتباعه من جهةاخرى حول طبيعة يسوع هل هي نفس طبيعة الرب ام طبيعة البشر

أنكر آريوس ألوهية يسوع فاعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن يسوع موجودا فيه, واعتبره رفيعا بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ, كما اعتبر أن الروح القدس من صُنْعِ الله ايضا. بينما أكد الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) علي أن طبيعة المسيح هي من نفس طبيعة الله و تغلب رأي الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية)
بالاقتراع و رفض آريوس و أثنين من القساوسة باصرار التوقيع من ثم تم نفيهم الي اليرا (حاليا البلقان) و حرقت كتب آريوس و سمي مذهبة ببدعة اريوس وصم أتباعة الي اليوم بلقب أعداء المسيحيه
تم ايضا في المجمع الاتفاق علي الاحتفال بعيد القيامه و علي موعدة علي ان يقوم بطريرك الاسكندرية بالاعلان عنة سنويا
نتج عن مجمع نيقية أول أشكال قانون الايمان المسيحي و بدأت علاقة الكنيسة بالسلطة بالتشكل بعد ان كانت كيانا دينيا خالصا. و بعد ثلاثة قرون من تطور الفكر المسيحي و اختلاطة بالافكار و الاديان المحيطة بحرية في كل الاتجاهات أصبحت الكنيسة الموحدة هي المرجع و السلطة في تحديد من يدخل في نطاق الإيمان من عدمه
1. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى تأليف شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية تقديم وتحقيق وتعليق دكتور أحمد حجازي السقا  ط 1  1391    258/262  
 
مجمع نيقية    

المطلب الثانى  مجمع صور عام 334 م
ولما كان قرار نيقية بألوهية المسيح فرض بقوة السلطان  فإن السلطان وهو الامبراطور رجع فيما بعد عنه وأمر بعد مجمع صور عام 334 م، وقرر فيه إعادة أريوس إلى الكنيسة و خلع أثناسيوس أسقف الاسكندرية، أحد أكبر المدافعين عن عقيدة ألوهية المسيح، كما أن الامبرطور نفسه قد عمد وهو على فراش الموت على مذهب أريوس حيث عمده الأسقف أسابيوس النيقوميدي أكبر أنصار أريوس. 1

 المطلب الثالث  مجمع أفسس عام 431 م
حضره مائتان من الأساقفة لمناقشة مسألة نسطور أسقف القسطنطينية الذي قال: " إن مريم هي إم الإنسان يسوع، وأن يسوع ذاته بشر خلقه إعجازيا ليكون هو وأمه آية عبر التاريخ وانتشرت هذه العقيدة في القسطنطينية ونصيبين والموصل والفرات والجزيرة ـ  سوريا والعراق ـ فانعقد المجمع وأقر الحاضرون أن مريم هي والدة الإلـه المتجسد ومن تم صدر قانون الإيمان الكنيسي الذي رفعها إلى منزلة الآلهة.
وهكذا حكم على نسطور بالطرد من الكنيسة وقرروا أن المسيح إلـه وإنسان ذو طبيعة واحدة وأن مريم أم الإلـه.
ثم عقد بعده مجامع عديدة في البحث عن طبيعة المسح منها

المطلب الثالث  مجمع حلقيدونية عام 451 م

وفي هذا المجمع عادوا للبحث عن طبيعة المسيح وقرر المجمع فيه: أن المسيح له طبيعتان ألهية و بشرية بلا اختلاط ولا تحول وانقسام ولا انفصال.
وكان قبل ذلك ديسقورس أسقف الاسكندرية نادى بأن يسوع ذات طبيعة واحدة هي أنه من جوهر الله ، ولم توافق الكنائس الشرقية ولم ترضخ مصر لهذا القرار بل تشبتت وأصرت على الإيمان بدعوة ديسقورس، وقد أصروا على قرارهم في مجمع أفسس بأن للمسيح طبيعة واحدة  ألهية و بشرية، وهذا من أهم الفوارق بين الكاثوليك القائلين بالطبيعتين والأقباط والأرمن السريان القائلين بالطبيعة الواحدة.
وكانت النتيجة الحتمية انشطار الكنيسة على ذاتها وظهور كنيسة الأقباط الأرتودكس على مبدأ الإيمان بالطبيعة الواحدة.2

1. مقارنة الأديان 2 المسيحية: الدكتور أحمد شلبي ص 109 ط  3    1967
 2محمد أبو زهرة. القسم الأول : الديانات القديمة ص 32 
المبحث الثالث:  ثمن انتصار المسيحية و قانون الإيمان المسيحي    

      المطلب1 : ثمن انتصار المسيحية     

بعد غياب المسيح عن الساحة، عانت الدعوة أشد المعاناة من سلسلة الاضطهادات والتنكيل بأتباعه وحواريه بوجه خاص وقتل يعقوب بن زبدي وسجن بطرس، وعذب سائر الرسل، وحدثت فتنة عظيمة لأنباع المسيح حتى كادت تفنى.
ولعل من أشدها قسوة وأعنفها اضطهاد الامبراطور دقلديانوس 274 م  الذي صمم على ألا يكف عن قتل النصارى حتى تصل الدماء إلى ركبة فرسه.
هكذا استمر الاضطهاد يتصاعد إلى أن استسلم الامبراطور جالير لفكرة التسامح مع النصارى لكنه مات بعدها ليعتلي عرش الامبراطورية قسطنطين ليتمم ما بدأه أبيه، وبذلك انتهت أسوأ مراحل التاريخ النصراني قسوة التي ضاع فبها إنجيل عيسى وقتل الحواريون والرسل وبدأ الانحراف والانسلاخ عن شريعة التوراة ليبدأ النصارى عهدا جديدا من تأليه المسيح وظهور إسم المسيحية. 1
فانتصار المسيحية ليس إلا ظاهريا. حيث كان هذا الانتصار الذي يشهد به على الأخص تحول الدولة الرومانية إلى الدين الجديد في القرن الرابع، مرحلة هامة من مراحل تطور المسيحية، والواقع أن المسيحيين كانوا قد دفعوا ثمن الانتصار، دفعوه غاليا بحيث نستطيع القول في شيء كثير من الجزم، بأن مؤمني عمر الحواريين لم يكونوا لينظروا إلى هذا الانتصار لو قدر لهم ذلك، إلا على أنه نكبة كبرى وغدر مسيحيو قسطنطين أنه لم يكن بيدهم اختيار الظروف و الشروط.
والنظرة الأولى إلى أحوال الكنيسة تكفي لأن تبين لنا أن الانتصار على عداء الدولة ودفعها إلى اتجاه جديد بتقديم النتازلات ولو على حساب العقيدة.
فالكنيسة لم تتمكن من الانتصار خلال القرن 4 إلا بفضل انهزام الإيمان الأول الذي يمكن أن تسميه " إيمان الاثنا عشر         
   

1)       1 الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة
ط 4 ـ د. صانع بن حماد الهجني ـ المجلد 2 ـ دار الندوة العلمية للطباعة والنشر والتوزيع الرياض
. المسيحية نشأتها وتطورها ص 18 

        المطلب    2 قانون الإيمان المسيحي

رتب آباء الكنيسة دستوراً وقانوناً للأيمان أخذ من آيات الكتاب المقدس بعهدية القديم والجديد وخاصة الإنجيل وأقرته المجامع المسكونية لكنائس العالم النيقاوى القسطنطينى والأفسسى ويؤمن به المسيحيين فى العالم كله.
يعتبر قانون الإيمان المسيحي ثمرة هذه المجامع، ومن العجب أن المسيحيين ظلوا ثلاثة قرون ونيف بدون قانون إيمان، فلا أحد يدرس تاريخ المجامع الكنسية إلا ويكتشف للوهلة الأولى أن هذه المجامع ارتبطت بالكوارث في تاريخ المسيحية بل وكانت نقاط تحول دائم نحو الأسوأ ونحو الأبعد كما جاء به هدي المسيح. فقد اشتملت هذه المجامع خاصة العشرة المشهورة على زهاء أربعة عشر ألفا من الأساقفة والبتاركة والرهبان كلهم يكفر بعضهم على بعض وكل منهم لاعن ملعون. 1
إذن فعقيدة النصارى اليوم هي أصل الدستور الذي بينته هذه المجامع وصاغت قانون إيمان يلتزم به كل مسيحي إلى يومنا هذا، حيث جاء كتاب سونسة سليمان، لنوفل بن نعمه الله جرجس النصراني أن " عقيدة النصارى التي تختلف بالنسبة لها الكنائس وهي أصل الدستور الذي بينه المجمع النيقاوي هي
                                                                                 
1. هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى تأليف شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية تقديم وتحقيق وتعليق دكتور أحمد حجازي السقا  ط 1  1391



نؤمن بإله واحد
الآب ضابط الكل
  
وخالق السماء والأرض
وكل ما يرى وما لا يرى
نؤمن برب واحد يسوع المسيح
ابن الله الوحيد . المولود من الآب قبل كل الدهور
إله من إله نور من نور. إله حق من إله حق
مولود غير مخلوق
مساوي الآب في الجوهر
الذي على يده صار كل شيء
الذي من اجلنا نحن البشر
ومن اجل خلاصنا
نزل من السماء
وتجسد من الروح القدس
وولد من مريم العذراء وصار إنسانا
وصلب عوضنا في عهد بيلاطس البنطي
تألم ومات ودفن وقام في اليوم الثالث كما في الكتب
وصعد إلى السماء
وجلس على يمين الله الآب
وأيضا سيأتي بمجده العظيم
ليدين الأحياء والأموات
الذي ليس لملكه انقضاء
ونؤمن بالروح القدس .. الرب المحيي.. المنبثق من الآب
ومع الآب والابن.. يسجد له ويمجد
الناطق بالأنبياء
وبكنسية واحدة جامعة مقدسة رسوليه .. نقر ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا
وننتظر قيامة الموتى وحياة جديدة في العالم العتيد
آميـــــــــــــــــــــــــــــن




1محاضرات في النصرانية، فضيلة الشيخ محمد أبو زهرة ط 4  1404 هـ  ص 120

خلاصات                                             
من خلال هذا الاستعراض السريع لتلك المجامع النصرانية يتبين لنا ما يلي:
-إن النصارى لا يملكون أدلة صحيحة صريحة في أكثر دعاويهم لهذا اختلفوا تلك الاختلافات الخطيرة التي تمس جميع نواحي العقيدة لديهم أن ما يستند إليه النصارى ويتحمسون له لا يعدو أن يكون فهما خاصا يسعى أصحابه لتثبيته عن طريق تلك المجامع، ولا يخلو الأمر من الأهواء والأغراض الخاصة من حب للرئاسة وفرض السيطرة.
ـ إن المجامع لم تكن يوما من الأيام هيئة شورية يتباحث القسس فيها الآراء ويتوصلوا فيها إلى الحق بأدلته، بل كانت في الأغلب تعقد لفرض رأي أو تصور عن طريق تلك المجامع وبقوة السلطان أو قوة الكنيسة.
ـ إن تلك المجامع كانت من أعظم أسباب الفرقة وتثبيثها في العالم النصراني بحيث أنهم لم يخرجوا في واحد منها متفقين، بل وكلما اجتمعوا في مجمع من تلك المجامع يزداد اختلافهم وبالتالي انقسامهم.
ـ إن المجامع صاغت العقيدة النصرانية بكل تفاصيلها مما يدل على أن تلك العقيدة بتفاصيلها صنعة بشرية لم ينزلها الله عز و جل على المسيح عليه السلام.
ـ إن المجامع النصرانية هي المصدر الحقيقي للديانة النصرانية المحرفة لأن تلك المفاهيم التي كانت تقرر و تصدر رفقها القرارات لم تكن تعتمد على نصوص واضحة بل أحيانا كانت تعتمد على نصوص متشابهة وكلام محتمل لأكثر من معنى ويكون من أقلها احتمالا، المفهوم الذي تدعيه الكنيسة كما في دعوى ألوهية المسيح عليه السلام ومسألة التثليث، وأحيانا كانت تعتمد على أي نص موجود لديهم وهو الأكثر، بل ويكون تركيبا ذهنيا وهميا أو تصورا خاطئا بني على تصور خاطئ ، كما في قراراتهم المتعلقة بألوهية الروح القدس وطبيعة المسيح وعصمة البابا ونحو ذلك.

لائحة المصادر والمراجع


المجامع النصرانية ودورها  في تحريف المسيحية.  دكتور سلطان عبد الحميد سلطان. 
الطبعة الأولى 1415 / 1990 مطبعة الأمانة ـ القاهرة

                                 1محاضرات في النصرانية، فضيلة الشيخ محمد أبو زهرة الطبعة الرابعة 1404 هـ  
     الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة     
ـ د. صانع بن حماد الهجني ـ المجلد 2 ـ دار الندوة العلمية للطباعة والنشر والتوزيع الرياض 

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى تأليف شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية   تقديم وتحقيق وتعليق دكتور أحمد حجازي السقا  ط

النصرانية نشأتها التاريخية وأصول عقائدها. الدكتور عرفان عبد الحميد فتاح ط الأولى 200  ص 84

الأديان 2 المسيحية: الدكتور أحمد شلبي الطبعة التالتة   1967

هناك 5 تعليقات:

  1. جزاك الله خيرا دكتور إلياس على المبادرة.. وأستأذنك والباحثين أصحاب البحوث في تقديم بعض الملاحظات النقدية على هذه البحوث وهدفي من ذلك التصحيح لا النقد بمفهومه السلبي.
    بخصوص بحث المجامع بعد نظرة خاطفة عليه لاحظت عدم التعريف بمصطلح مسكوني oeucuméniqueوهو مصطلح يحتاج إلى تعريف، ولا يمكننا ذلك إلا بالرجوع إلى المصادر الغربية ليس فقط في التعريف بل أيضا عند الحديث عن المجامع المسيحية وأمد الباحث رضوان بهذا الكتاب وهو مجموعة مجلدات عن المجامع لا غنى عنه لمن يريد الكتابة عن المجامع وهو 142. HEFEL Charles Josèphe, Histoire des conciles d’après les documents originaux, traduit en français par Dom. h. LECLERQ et continué jusqu’à nos jours, Paris LETOUZEY et Ané 1938.
    كتبه الأستاذ: يوسف الكلام

    ردحذف
  2. أهلا بالأستاذ يوسف، ومرحبا بك وبتعليقاتك وتصحيحاتك.
    ولمن لا يعرفه فالدكتور يوسف الكلام أستاذ مقارنة الأديان بدار الحديث الحسنية بالمغرب. وهو مختص في المسيحية، بل ربما كان أبرز مختص في هذه الديانة في المغرب.
    ويسعدني أن أتلقى ملاحظاتك ومشاركاتك.
    إلياس بلكا

    ردحذف
  3. دائما المسلمين يلقون التهم على المسيحية وثار جدال بين الاسلام والمسيحية فى مواضيع كثيرة تخص الدين المسيحى للعقيدة وهى : 1- الانجيل محرف 2- تعبدون ثلاثة الالهه 3- لاهوت المسيح 4- التجسد الالهى للمسيح 5- انجيل برنابا
    ، من ناحية اسم الدين هو نصرانية وليست مسيحية ، اتلكتم اسماء لاتباع المسيح الخنازير وعباد الصليب وعباد المسيح ، وحكمتم عليهم بالكفر والشرك ، وكلامهم باطل وكاذب ، وتعليمهم محرفة ، واساليبهم سحرة ، وكل ما يخص فى دينهم غير حقيقى وكان الاسلام تخصص فى شؤن الغير ويعتبر الصح والمسيحين هما الخطا ، فماذا نقول لكم دائما تسخرون للمسيحية الرب قادر ان ينير عيونكم الى النور ويفتح عقولكم الى الحقيقة ، ونصيحة لكم لا تعتمد على مصدركم فى الكتب الاسلامية فقط بل ادخل الى الكتب المسيحية وقارن بينهم بدون سخرية . وشكرا

    ردحذف
  4. بارك الله فيك أستاذنا إلياس بلكا ولو لم أحظ بالتعلم منك مباشرة، لكن أستاذي سعيد كفايتي كان يحدثنا عنك في فصول سلك ماستر الدرسات السامية ومقارنة الأديان بكلية الآداس سايس - فاس، ولا شك أن محاضراتك في الفكر الديني المسيحي مفيدة وممتعة. الطالب الباحث: البشير أسعير

    ردحذف
  5. كتب المسيحية شاهدة بنفسها على كثير من الحقائق التي لا مفر للباحث المنصف من الاعتراف بها، بل وعلماء المسيحية أنفسهم يقرون بها، بعيدا عن الاستدلال بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية.

    ردحذف