الأربعاء، 6 يونيو 2012

ملخص بحث قطب الريسوني الفائز بجائزة في موضوع: القراءات المعاصرة للقرآن.

 
رفقته ملخص الكتاب الذي نال به صاحبه الأستاذ قطب الريسوني جائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية، في آخر دوراتها: مارس 2010.

النصُّ القرآنيُّ من تهافتِ القراءةِ إلى أفقِ التدبّر   
"مدخل إلى نقد القراءات وتأصيل علم التدبر القرآني "
للأستاذ قطب الريسوني   
- ملخص البحث -
يعد القرآن الكريم رأس مقدسات الإسلام، وعمدة التشريع، وينبوع الحكمة، يعطف النفوس إلى الحق، ويلفت العيون إلى النور، ويهدي الحيارى إلى السبيل القصد، فلا غرو أن ينزله المسلمون – على تراخي العصور – منزلة التقديس والإكبار، ويعكف العلماء على الاستمداد منه تبيانا للأحكام، ومدراجة للنوازل، ونهوضا بحجة الله تعالى على خلقه.
وإن المفسرين أحظى الناس بصحبة القرآن، وأدناهم إلى مناهل الوحي، وأقعدهم بمناهج فهمه وتدبره، وقد ساروا في هذه المناهج عنقا فسيحا، لا يصرفهم صارف عن التأصيل لقواعد النظر الصحيح، والتدبر الأمثل، فضلا عما جادت به أقلامهم من تفسيرات شتى للنص القرآني، تفاوتت           في منازعها ومشارعها تفاوتها في مقادير الإجادة والإحسان. بيد أن استفراغهم الواسع في التأصيل والتقعيد لم يكن عاصما لبعض المذاهب والفرق من ركوب التأويل المستكره، والرأي المذموم، انتصارا للمعتقد، أو نضحا عن المذهب! وإذا كانت فتنة التأويل ذر قرنها في عصور ذهبية، وديار العلم مأنوسة، وحملة القرآن متوافرون، والاجتهاد في حياطة من القواعد، وإلى ملجأ من النظر السديد،               فما بالك اليوم، وقد انكمش ظلم العلم، وقلت الديانة، واستحكمت الأهواء، وأصبح التفسير                - على جلالة قدره وشرف صناعته-  متنفسا لكل ذي دخلة سيئة، وعقيدة رديئة؛ ومصداق ذلك ما يروج من دعوات إلى (القراءة الحديثة)، و(الهرمنيوطيقا)، و(تنقيح النص القرآني)، وكأنها باطنية جديدة في مواجهة الوحي المنزل !.
مهما يكن من أمر فقد نقب هذا النقب في فكر الأمة، وتدسس منه من تدسس، وتطاير هرج ومرج، وسهرت أعين، وعفت أعين: سهرت أعين تربصا بمقدسات الإسلام، وتأهبا لإبادة تراثه التفسيري، وغفت أعين تهوينا للأمر، أو غفلة عما يراد بدين الله تعالى، فجاء النسف في مسلاخ التجديد !
من هنا يلج الداعي إلى بيان ضوابط التفسير عند أهله، وتعقب التأويلات المعاصرة الزائغة للنص القرآني، وقد رأت في نفسها البديل الأمثل لتفسير علماء السلف، والفهم الذي لا ينزع إلى غير الصواب، وإن تكلفت له المحامل الباردة، وذهبت فيه مذهب البواطيل كلها.
1- بواعث التأليف في الموضوع
ليس من الهين والميسور أن يرصد المؤلف لبيان البواعث الحاملة على انتقاء موضوعه ومجال بحثه، لتداخلها وتضايفها من جهة، وترددها بين الجانبين الذاتي والموضوعي من جهة، وخفائها على المؤلف نفسه من جهة ثالثة؛ إذ قد يحمله على التأليف أحيانا باعث شعوري فياض لا يني عن مطالعته من شتى أقطار الفكر، لكنه لا يستطيع تبين ملامحه الموضوعية، أو صياغته في قالب علمي محكم.
ولما كانت مادة القول في هذا الباب حافلة، والشوط بطينا، فإنني لن أطيل في الحشد والاجتلاب، مجتزئا بأقوى البواعث تسلطا على النفس، وتهييجا للفكر:
أ- بيان جهود علماء الأمة في حياطة التفسير بالنظر الصحيح، والتدبر الأمثل، وقد سد           كل منهم ثلمة، وحمى كل منهم حمى، فوجب الاهتبال بقواعدهم، والارتياض بأساليبهم، تحصيلا للدربة، والمران، والملكة التفسيرية.
ب- تقويم جهود المفسرين في خدمة النص القرآني على نحو يميط  اللثام عن ثغرات النظر، ومزالق الفهم، فتحذر وتجتنب؛ ذلك أن صناعتهم في التفسير، وإن أوتيت حظا غير يسير              من النضج المعرفي، والإحكام المنهجي، فقد داخلها الشطط في مواضع شتى، بسبب غلبة التعصب، واستحكام الميل المذهبي، وتسلط النزعة العقلية، وهذه آفات تذهب بالحصافة، وتصد عن الاتزان، وهيهات أن يكون الأمر فيها مقدرا عدلا، ومنهجا لاحبا مع ذلكم الهوى الغلاب !
ج- تعقب المشروع الحداثي في قراءة النص القرآني، وتتبع أباطيله التي أغرت بالتهجم          على الوحي، وإصغار أمره، وإيثار غيره بالتجلة والإكبار، حتى إذا أفرغ من قيمه البانية الهادية، تيسر حمل الناس على مذاهب التغريب، والتضليل، والغزو الفكري، وإن سدنة هذا المشروع صنيعة الاستشراق، وأذناب المستشرقين، فهم في غاية الشبه بهم، ونهاية المشاكلة لهم، وما يزالون إلى يوم الناس على إرث من أفكارهم، يأخذون من سمتها، ويتجاذبون على منهجها.
د- صياغة منهج محكم لتفسير النص القرآني يصلح أن يكون فاتحة لعلم التدبر، وهو علم تناوله الأسلاف في نظرات عجلى، تمهيدا لسبله، وفتحا لمغالقه، وأضاف إليه المعاصرون لبنات تأصيل وتقعيد، ومازال متسع القول فيه فسيحا يغري بالإضافة العلمية، وتلاقح الأنظار.
2- الدراسات السابقة والإضافة المعرفية
كان للباحثين المعاصرين سبق محمود إلى معالجة قضية (قراءة النص القرآني) من جهتين منفصلتين:
- الأولى: التأصيل لمنهج تفسير النص القرآني فهما واستنباطا، وبيان المحاذير التي تجتنب               في هذا التفسير، ومن الكتب النافعة في هذا الباب:
أ- أصول التفسير وقواعده لخالد عبد الرحمن العك<!--[if !supportFootnotes]-->[1]<!--[endif]-->.
ب- كيف نتعامل مع القرآن لمحمد الغزالي2.
ج- كيف نتعامل مع القرآن العظيم ليوسف القرضاوي3.
د- قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل لعبد الرحمن حسن حنبكة الميداني4.
 - الثانية: نقد القراءات المعاصرة للنص القرآني، وفضح عوارها في ضوء قواعد الاستدلال، وأصول البحث العلمي، ومن الكتب المفيدة في هذا الباب:
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->القراءة الجديدة للنص الديني لعبد المجيد النجار5.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->تأويل النص القرآني بين الحداثة والمعاصرة لعبلة عميرش6.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->تهافت القراءة المعاصرة لمنير محمد الشواف7.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->التحريف المعاصر في الدين لعبد الرحمن حبنكة الميداني8.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->التيار العلماني وموقفه من تفسير القرآن الكريم (عرض ونقد) لمنى محمد البهي الشافعي9.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->دعوى القراءات المعاصرة للقرآن الكريم: دراسة تحليلية نقدية لأحمد بشير قباوة10.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->خطابات دعوى فلسفة التأويل الهرمنيوطيقي للقرآن الكريم لفهمي سالم زبير11.
    § العلمانيون والقرآن لصلاح يعقوب1.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->العلمانيون والقرآن الكريم: تاريخية النص لأحمد إدريس الطعان2.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->القرآن وأوهام القراءة المعاصرة لجواد عفانه3.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->القراءة المعاصرة تحت المجهر لسليم الجابي4.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->القراءة المعاصرة للقرآن في الميزان لأحمد عمران5.
<!--[if !supportLists]-->§ <!--[endif]-->القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير لمحمد محمود كالو6.
وهذه الأوضاع – على تفاوت أصحابها في مقادير الإحسان، وحظوظ الوفاء بأشراط البحث العلمي – أضافت جديدا مبتكرا إلى المكتبة القرآنية، وانتهضت للذب عن حياض القرآن إلبا واحدا على القراءات المعاصرة المتهافتة، ولعل العلة في كثرة الردود عليها أن أهل النقد كلما حاصوا شقا تخرق عليهم آخر، وكلما سدوا ثلمة انفتحت أخوات لها أوسع! وإن مكمن الجدة والإضافة في هذا الكتاب أنه يحوي بين جانحتيه نقدا رصينا لتهافت القراءة المعاصرة، ومدخلا تأصيليا إلى علم التدبر القرآني، والجمع بينهما لم يكن غرضا متشوفا إليه في الدراسات السابقة، فضلا عما زخر به الكتاب من إشارات أبكار في هذا المجال أو ذاك، مما جادت به القريحة، وأسعف عليه القلم.

3- خطة البحث
استوى البحث في مقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة؛
- المقدمة: عنيت باستجلاء بواعث التأليف، ومكمن الجدة فيه، وبيان خطة البحث ومنهجه المختار في حقل الدرس والتقويم.
- الفصل الأول: وسم بعنوان: (ضوابط تفسير النص القرآني عند علماء المسلمين: نحو نموذج للمفسر الأمثل) وتحته ثلاثة مباحث:
* المبحث الأول: في بيان ضوابط التأهيل
* المبحث الثاني: في بيان ضوابط التأويل.
<!--[if !vml]-->
<!--[endif]-->

1 رسالة الدكتوراه، كلية أصول الدين، جامعة الأزهر
2 دار ابن حزم، الرياض، ط1، 2007م
3 دار البشير، الأردن، ط1، 1994م
4 طبع على نفقة المؤلف، 1992م
5دار النفائس، بيروت، 2007م
6 رسالة دكتوراه، جامعة الجنان، لبنان، 2007م    

* المبحث الثالث: في بيان ضوابط الفهم والتنزيل.
- الفصل الثاني: وسم بعنوان: (مزالق المفسرين القدامى والمحدثين: رؤية نقدية)، وتحته           ثمان مباحث:
* المبحث الأول: تسلط العقل على النص.
* المبحث الثاني: التعصب المذهبي
* المبحث الثالث: الاستغناء باللغة عن الرواية والسماع
* المبحث الرابع: الأخذ بالأحاديث الضعيفة والموضوعة
* المبحث الخامس: الأخذ بالإسرائليات
* المبحث السادس: الأخذ بالأقوال التفسيرية الشاذة
* المبحث السابع: الغلو في التفسير الإشاري
* المبحث الثامن: التكلف في التفسير العلمي
- الفصل الثالث: وسم بعنوان: (القراءات المعاصرة للنص القرآني: تأويل أم تبديل؟)، وتحته ثمانية مباحث:
* المبحث الأول: القراءة التاريحية: محمد أركون نموذجا.
* المبحث الثاني: القراءة الهرمنيوطيقية: نصر حامد أبو زيد نموذجا.
* المبحث الثالث: القراءة اللغة التشطيرية: محمد شحرور نموذجا.
* المبحث الرابع: القراءة النسوية للنص القرآني: آمنة داود نموذجا.
* المبحث الخامس: روافد القراءة المعاصرة للنص القرآني
* المبحث السادس: أسباب تهافت القراءة المعاصرة للنص القرآني.
* المبحث السابع: مقاصد القراءة المعاصرة للنص القرآني
* المبحث الثامن: موازنات واستنتاجات
- الفصل الرابع: وسم بعنوان: (ضوابط القراءة الراشدة للنص القرآني: مدخل إلى علم التدبر)، وتحته ثلاثة مباحث.
* المبحث الأول: آداب القراءة الراشدة للنص القرآني
* المبحث الثاني: قواعد القراءة الراشدة للنص القرآني
* المبحث الثالث: خوارم القراءة الراشدة للنص القرآني
- الخاتمة: أودعتها خلاصات وملاحظ حول واقع القراءات المعاصرة للنص القرآني، وآفاق التدبر القرآني المنشود.
 4- المنهج العلمي
ترسمت في الكتاب منهجا لاحبا لا يشذ عن آداب الاستدلال والمناظرة، وشرائط البحث العلمي، وفيما يأتي بيان عناصره:
أ- الاستقراء: أفدت منه في تتبع الموضوعات ذات الصلة بعنوان البحث، وهو ذو شقين:
أولهما: نقد القراءات المعاصرة للنص الديني، والثاني: منهج علم التدبر القرآني. كما كان المنهج الاستقرائي خيارا أثيرا في تتبع الشبهات والتخرصات، وتعقب أصحابها بالدليل الناهض والحجة الملزمة.
ب- التأصيل: توسلت به في وضع قواعد التدبر الأمثل للقرآن الكريم، وصياغة نظرية تأويلية إسلامية قادرة على مقارعة البدائل المنهجية الغربية، وصد غاراتها على النص القرآني، مع الترحيب بالجديد النافع الذي يحفظ للقداسة صبغتها، وينزل الوحي منزلته المنيفة.
ج- النقد: وهو عنصر مكين في المنظومة المنهجية للبحث، لا يتأتى وزن الآراء، وسد الثغرات إلا به، وقد كانت له صولات وجولات في تعقب القراءات المعاصرة للنص القرآني، وبيان عوارها في ضوء الأدلة النواهض، إلا أنني لم أجر فيه مجرى الولع بالتعنت، والتهافت على التنقص، وتحجير الواسع مهما اتسع؛ وإنما كنت أزن بميزان الإنصاف والحيدة، لا يصرفني عنه صارف من سوء التقدير، أو الهوى الغلاب !
وقد يترجرج في النفس سؤال لا سبيل إلى دعه، وهو: أليس في الرد على بدع الرأي، وسقطات الاجتهاد، إحياء لها وإغراء بالإقبال إليها، وقد يكون في التجافي عنها، إماتة لها، وتبكيت لأهلها؟، والجواب: أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها؛ لأن الباطل قد يستشري في غفلة الحق عنه، والأغمار قد يغترون بالشبهات وتزيغ أبصارهم ببهارج الفكر الغريب المستورد ! فيتعين هنا الرد  على الانحراف، والتصدي لأهله، حتى تقر الحقيقة في نصابها، وينهار الباطل تحت ركام كثير! والمرجع في هذا الأمر إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد، وتقدير مآلآت الأمور، والله أعلم.
د- الموازنة: وهي قاعدة ينتفع بها في تبين المحاسن والآفات، وتجلية الفروق بين المختلفات          أو المتشابهات في الصورة دون المخبر، وقد جرنا البحث إلى أعمال هذه القاعدة في مجال التمييز بين هدي السلف في تفسير النص القرآني، منهج القراءات المعاصرة؛ بل إن القاعدة تراحب مجال إعمالها عند الاحتكام إليها في استجلاء الفروق بين مناهج القراءة المعاصرة في الإجراء والمآل.
هـ - التوثيق: وهو الثابت المكين الذي يستوي به البحث على سوقه، وترد الأمور           إلى نصابها، وقد جرينا فيه على الجادة بالعزو إلى المصادر، وتوثيق الآي، وتخريج الأحاديث، وبيان رتبتها إذا رويت في غير الصحيحين.
نسأل الله تعالى أن يوطئ لهذا الكتاب أكناف القبول، ويجزل ثوابه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والحمد لله فاتحة كل خير، وتمام كل نعمة.
<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->
1 دار النفائس، ط2، 1406هـ
2 مدارسة أجراها الأستاذ عمر عبيد حسني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الوفاء للطباعة والنشر، المنصورة، ط 2، 1412هـ / 1992م.
3 دار الشروق، القاهرة، ط 2، 2007م
4دار القلم، دمشق،ط 2،1989م
5 مركز الراية للتنمية الفكرية، جدة،ط1، 2007
6 رسالة دكتوراه، كلية أصول الدين والشريعة، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، قسنطينة، 2002م.
7 دار قتيبة، دمشق،ط1، 2004م
8 دار القلم، دمشق، ط1، 1418هـ /.1997م.
9 دار اليسر، مصر، ط1، 1429هـ
10 رسالة الدكتوراه، كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، 2008م
11 رسالة ماجستير، كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، 2008م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق